ماكس نيسين
TT

الاستعداد للموجة التالية من لقاحات «كورونا»

هناك أكثر من 10 لقاحات ذات فاعلية ومضادة لفيروس «كورونا» قيد الاستخدام في مختلف أنحاء العالم، لذلك من السهل التغافل تماماً عن تلك اللقاحات التي لا تزال قيد البحث والتطوير. بيد أن هذا من الأخطاء الواضحة، إذ إن اللقاحات المرشحة قيد التطوير ربما تستغرق وقتاً طويلاً في الوصول إلى مراكز التوزيع، ولكنها لا تقل ضرورة وأهمية من حيث مكافحة الوباء. ولا تزال أعداد كبيرة من البشر غير محصنين ضد الفيروس القاتل، الأمر الذي يزيد من أمد مخاطر الفيروس في كل مكان، وحيثما يستمر في الانتشار والتفشي من دون رادع يوقفه، فهناك خطر مستمر من ظهور التحورات الجديدة التي ربما تنجح في الإفلات من الحماية التي توفرها المجموعة الراهنة من اللقاحات المستخدمة حول العالم، وتحتاج الحكومات إلى كل ما يمكنها الحصول عليه من اللقاحات التي توفر الحماية والتعزيز بمليارات الجرعات الموزعة في كل مكان.
ومن بين عشرات اللقاحات الخاضعة للاختبارات البشرية في الآونة الراهنة، هناك عدد من الميزات البارزة. ونعرض فيما يلي عدداً من هذه اللقاحات من حيث المزايا والتحديات ذات الصلة:
أول هذه اللقاحات «نوفافاكس»، وتملك شركة نوفافاكس الأميركية محتوى جيداً للغاية من البيانات الإيجابية الناجمة عن الدراسات المستفيضة للقاح في جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة التي تعكس توفر الحماية في مواجهة السلالة الأصلية والتحورات الناتجة عن الفيروس. ومن شأن التجارب الأميركية الكبيرة أن تكشف المزيد من تلك البيانات قريباً. ومع أن العثرات التصنيعية والتنظيمية قد أسفرت عن تراجع الطرح التنظيمي المحتمل لدى الشركة بين الربعين الفصليين الحالي والمقبل، فإن الطرح واسع النطاق بات يلوح في الأفق القريب.
بالنسبة لمزايا هذا اللقاح هناك أدلة قوية على فاعليته، فهو يستعين بالبروتينات الصغيرة في إنتاج الاستجابة المناعية القوية والمعززة لمواجهة الفيروس. وتضع الشركة الأميركية الأسس لصناعة العديد من الجرعات. وكانت شركة نوفافاكس قد أبرمت صفقة في وقت سابق من العام الجاري لتوفير 1.1 مليار جرعة من اللقاح، ضمن مبادرة كوفاكس، وهي منصة المشتريات العالمية للبلدان المنخفضة الدخل، بالإضافة إلى الاتفاقيات الأخرى مع البلدان المنفردة، بهدف الحصول على التراخيص لصناعة اللقاحات المطلوبة لديها.
ولكن من شأن أغلب الجرعات الجديدة لمبادرة كوفاكس أن تأتي من معهد «سيرم» الهندي لصناعة اللقاحات، الذي كان قد أعلن عن تأخير الصادرات الدولية من اللقاحات بغرض التركيز على مواجهة الأزمة الداخلية الهندية العارمة. كذلك، تعطلت الجهود التصنيعية لشركة نوفافاكس بسبب النقص الواضح في توفير أشياء من شاكلة الأكياس العملاقة المستخدمة في نمو الخلايا، مع تعرض الشركة في الوقت الجاري لعدد من الاضطرابات الأخرى المماثلة.
أما بالنسبة لبرنامج «كيورفاك إن في»، فقد دخلت شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية في المرحلة المتأخرة من دراسة اللقاح الوهمي، التي تستخدم فيها نفس النوع من تقانة الحمض النووي الريبوزي المرسال التي تستعين بها شركات أخرى مثل «فايزر»، و«بيو إن تك»، و«موديرنا» في صناعة جرعات اللقاحات لديها اعتباراً من ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. ولقد استكملت الشركة الألمانية دورة الاختيار، وتأمل حالياً في نشر البيانات ذات الصلة مع التقدم بطلب الحصول على تصريح بالتصنيع الإنتاجي الواسع النطاق قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) من العام الجاري.
أسفر النجاح الذي حققه اللقاح المصنع بمشاركة شركتي «فايزر» و«بيو إن تك» رفقة لقاح شركة «موديرنا» الأميركي، عن زيادة التوقعات بشأن الجرعات التي تستعين بتقانة الحمض النووي الريبوزي المرسال، وربما تكون نسخة شركة «كيورفاك» تحمل المزيد من التحسينات. تعمل الشركة الألمانية على تعديل جزيء الحمض النووي الريبوزي المرسال بصورة مختلفة، الأمر الذي يتيح لها إمكانية استخدام جرعة أصغر من لقاح الفيروس. ومن شأن ذلك المساعدة في الإسراع من صناعة المزيد من الجرعات، لا سيما بمعاونة من الشراكات التي أبرمتها الشركة الألمانية مع شركة «غلاكسو سميث كلاين»، وشركة «باير»، وشركة «نوفارتس».
إضافة إلى ذلك فإنه لا بد للقاح شركة كيورفاك الألمانية أن يثبت أن الجرعة المنخفضة المصنعة لديه توفر الحماية الكافية ضد الفيروس. وعلى جانب سلسلة التوريد، فلقد واجهت شركة كيورفاك – التي تتركز جهودها على الحمض النووي الريبوزي المرسال – مجموعة جديدة من النقص في المعدات والمكونات المتخصصة، نظراً لأن التكنولوجيا التي تستخدمها في التطوير والتصنيع أحدث من غيرها...
هناك أيضاً لقاح «فالنيفا» الذي دخلت الشركة الفرنسية المنتجة له في تجارب المرحلة النهائية الفريدة من نوعها اعتباراً من 21 أبريل (نيسان) الماضي. وبدلاً من مقارنة مجموعة الأشخاص الذين حصلوا على التطعيم مقابل مجموعة أخرى حصلت على اللقاح الوهمي، سوف يجري اختبار لقاح «فالنيفا» المرشح بصفة مباشرة لمواجهة جرعات لقاح «أسترازينيكا» المستخدمة على نطاق كبير لدى 4 آلاف شخص حتى الآن. وسوف تعمل الدراسة الفرنسية على قياس ومقارنة الاستجابة المناعية لدى الأشخاص بناء على فحوصات الدم. وإذا كان لقاح «فالنيفا» ينتج العديد من الأجسام المضادة المحيدة على غرار لقاح «أسترازينيكا»، فإنه سوف يحمي من فيروس «كورونا المستجد» من الناحية النظرية. ومن شأن هذا المنهج أن يسفر عن الوصول إلى نتائج أسرع. كما تأمل الشركة في التقدم بطلب الحصول على تصريح التصنيع واسع النطاق في فصل الخريف المقبل من العام الجاري.
من مزايا هذا اللقاح أنه في الوقت الذي تسعى فيه الشركات الدوائية الأخرى لمحاولة تكييف اللقاحات مع مختلف سلالات وتحورات الفيروس، تعتقد شركة «فالنيفا» الفرنسية أن اللقاح الجديد لديها سوف يصمد بصورة جيدة منذ البدء في استخدامه، وذلك لأن اللقاح الجديد يستخدم تقنية الفيروس الكامل الخامل غير المعدي في توليد الاستجابة المناعية على نطاق أوسع. وتستهدف العديد من اللقاحات ما يسمي «بروتين سبايك» المسبب للإصابة بفيروس «كورونا المستجد»، الأمر الذي يجعل الأشخاص الذين حصلوا على ذلك اللقاح أكثر عرضة للتحورات الناجمة عن السلالات الفيروسية.
وعلى الرغم من ذلك، كانت جهود صناعة اللقاحات الأخرى التي تستعين بالفيروسات الخاملة غير المعدية – تماماً كما يحدث لدى اللقاح الذي طورته شركة «سينوفاك بيو تك» الصينية – أدنى في نتائجها من بلوغ المستوى الممتاز. ومما يُضاف إلى ذلك، ربما لا تتفق التجربة المقارنة مع الجهات التنظيمية ذات الصلة. وكانت هناك جولة من التقدم المحرز في فهم طبيعة الاستجابة المناعية لفيروس «كورونا المستجد». كما كانت هناك سابقة لمثل هذه الدراسات في العديد من الدراسات الأخرى، غير أنها طريقة جريئة لمحاولة الحصول على الموافقة المبدئية للانتقال إلى مرحلة التصنيع واسع النطاق، إذ تخطط الشركة الفرنسية «فالنيفا» لإجراء سلسلة من الاختبارات التكميلية الإضافية، وربما سوف تحتاج الشركة فعلياً إلى الدخول في هذه الاختبارات قبل التصنيع النهائي واسع النطاق.