سمير عطا الله
كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
TT

تكرُّم وتكريم

كانت السعودية بين أواخر البلدان العربية التي وصل إليها التلفزيون. كان شيئاً جديداً على الجميع، ولم يكن أحد يعرف تماماً مدى أثره الاجتماعي والأخلاقي في البيوت. هكذا تباطأت الدولة في إنشائه، كما تمهّلت في تنويع وتوسيع برامجه، مقتفية طوال الوقت، ردود الفعل في المجتمع. مع الدخول في عصر الفضائيات، كان التلفزيون قد أصبح أهم وسيلة في عالم الأخبار وحتى في التعليم والترفيه. لكن التلفزيون ظل محلياً وحكومياً وفي مرتبة متواضعة بين القنوات العربية.
وليد الإبراهيم اخترق قواعد كثيرة في مشروع بدا خيالياً أول الأمر: أولاً، إنشاء محطة غير حكومية، وأن تكون فضائية، وتبث في العالم أجمع، مثل «سي إن إن» التي كانت أول فضائية في العالم آنذاك.
رأس المال كان متوفراً، لكن من أين طواقم العمل وخبراء الإرسال وأهل البرامج والمذيعون وشبكة المراسلين حول العالم؟ اتركها للشيخ وليد. معه، أصبح التلفزيون السعودي هو الأكبر في العالم العربي. وبعد الانتقال من لندن إلى دبي، قدَّم للعرب جوهرة جديدة من «MBC» عندما أسس قناة «العربية». وبدأت في الظهور سلسلة قنوات كبرى تحمل شعار «MBC» في مصر وفي العراق، بالإضافة إلى قنوات متخصّصة، تخدم كل واحدة منها نوعاً محدداً من المشاهدين. لقد أصبحت «MBC» في عالمنا، شيئاً موازياً تماماً لعلامات دولية كبرى مثل «BBC» و«CNN»، ولكن أكثر غنى في البرامج وعمليات الإنتاج المنوَّع.
لكل ذلك أُعطي وليد الإبراهيم تكريماً لم يُعطَ لأحد من قبل، في هذا الحقل من الريادات: وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى، مقدّماً من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز.
ليست أهمية الوسام في رتبته فقط، بل في قرار الملك سلمان أن يتعدى التكريم الملكي الحقول المألوفة إلى المستحقين في سائر الحقول الوطنية، التي تسهم في خدمة الدولة والناس. لقد اقتصر التكريم الملكي، حتى الآن، على الشخصيّات المجلّية في فضاءات شتّى، لم يكن بينها الإعلام الجديد، الذي يطبع صورة العصر.
وكان خادم الحرمين الشريفين من أوائل رجال الدولة الذين وضعوا الصحافة، ثم الإعلام بشكل عام، في المرتبة المستقبلية.
ليست السعودية من الدول التي توزع الأوسمة بسهولة، بل هي ضنينة بها أكثر من أي دولة أخرى في العالم، لا سيما أن الوسام يحمل اسم الملك المؤسس. لذا، فإن الوسام لوليد الإبراهيم، حدث في مسار الإعلام العربي، وتقدير ملكي نبيل لمسيرة طويلة من النجاح والألق في دنيا الإعلام.