مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

ما لنا وما علينا

قبل جائحة «كورونا» جاء حسب (تقرير بالإنفوغرافيك) ومؤشر (ميرسر): أن دول الخليج تصدرت أفضل مستوى معيشي لجودة الحياة بين الدول العربية. والجدير بالذكر فإن الدول العربية غير الخليجية، في الأربعينات وإلى أواسط الخمسينات من القرن الماضي، كانت هي الأولى بدون منازع، وفي ذلك الوقت كان الأساتذة الذين يعلمون التلاميذ في الخليج هم 95 في المائة من الدول العربية الأخرى، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك جامعة واحدة في الخليج، واليوم حسب التصنيفات العالمية، فأرقى الجامعات العربية هي خليجية، والسبب الأساسي (بانقلاب الأمور رأساً على عقب): هي (موضة) الانقلابات العسكرية الجاهلة، وزاد الطين بلة، تورطها فيما يسمى: (الربيع العربي)، وأسوأ من السوء هي: الصراعات الطائفية.
ولكي أكون (حقانياً) وأضع الأمور في نصابها، لا بد من الاعتراف بالانحرافات والتصرفات السلبية الصبيانية من بعض شباب الخليج، الذين - ويا للأسف - كادوا يكفرون بالنعمة، وهذا ما لاحظناه من تصرفاتهم في الخارج. صحيح أنهم قلة، ولكنهم يشوهون صورة الإنسان الخليجي، وعلى هذا الأساس نحن نقول: (ما لنا وما علينا)، فقد جاء في الأخبار:
أن المسؤولين في لندن يسعون إلى سن قوانين رادعة للسيطرة على الممارسات المقلقة التي يقوم بها بعض الشباب من أغنياء العرب، من سوء استخدام سياراتهم الفارهة التي ينتج عنها ضوضاء وإزعاج يشتكي منه سكان ورواد تلك المناطق.
وتشهد أحياء لندن المختلفة عادة كرنفالات متعددة الأنواع والألوان من السيارات الفارهة القادمة إلى لندن من منطقة الشرق الأوسط وخاصة الخليج العربي، وتتنوع هذه السيارات بين فيراري، ولامبرغيني، ولاندروفر، ورنجروفر، وبورش، وغيرها من السيارات الرياضية، المغطى بعضها باللون الذهبي، الذي يجعل النفس (تلعى)، وتتجاوز أثمانها ملايين الجنيهات.
أما أغرب وأعجب من هؤلاء الشباب وأكثر (ثوارة) منهم فهو: ذلك الملياردير النيجيري، الذي أثار موجة من الاستهجان والانتقادات، بعد قيامه باستخدام سيارة (همر) الجديدة والباهظة الثمن، لدفن والدته فيها بدلاً من التابوت التقليدي، وعلق البعض على تصرفه هذا متسائلين: هل هو الكثير من الحب، أم الكثير من المال؟!
لا وفوق ذلك كله: نثر الملياردير في داخل السيارة مع والدته (100.000) دولار قبل أن يدفنها، وأكثر التعليقات وصفته بالمغرور والتافه، وأعجبني تعليق أحدهم عندما قال: أكيد أن والدته ستقودها في العالم الآخر، ولهذا السبب وضع لها النقود لشراء الوقود!!
ولم يكذب الشاعر عندما قال:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم