سكوت ديوك كومينرز
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»
TT

قصور الانتصار الأميركي في معركة اللقاحات

عندما يتعلق الأمر بتخصيص مبالغ ضخمة لتوفير سلع عامة - مثل تطوير لقاحات بأسرع وقت ممكن - من الصعب على أي جهة أخرى مضاهاة قدرات الحكومة الأميركية بهذا المجال، وهذا ما أنجزته الحكومة بالفعل في إطار «عملية السرعة القصوى». تحت مظلة «عملية السرعة القصوى»، ضخت الحكومة أكثر عن 10 مليارات دولار في جهود تطوير وإنتاج لقاح، وعملت على تأمين التزامات على صعيدي التصنيع والتسعير لضمان استفادة الأميركيين من أي لقاحات يجري ابتكارها.
أيضاً، يمكن للحكومة استغلال سلطتها في دفع شركات نحو العمل على إنجاز هدف مشترك. جدير بالذكر أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، عاونت الإدارة الأميركية في تنسيق سلاسل التوريد المرتبطة باللقاح وتصنيع معدات الحماية الشخصية. علاوة على ذلك، توسطت الإدارة لتنسيق التعاون بمجال إنتاج اللقاحات بين شركتين متنافستين بمجال إنتاج الدواء، وهما «ميرك آند كو» و«جونسون آند جونسون».
ولا يزال من الضروري بذل مزيد من الجهود على هذا الصعيد. ومثلما سبق وأن أشرت أنا وزميلي، فإن مستوى القدرة الراهن لإنتاج عناصر اللقاحات وتصنيع اللقاحات لا يزال أقل بكثير عن المستوى الأمثل.
إضافة لذلك، فإن الحكومة الفيدرالية في موقف يمكنها من إقرار المعايير اللازمة لضمان قدرة الأفراد على الوصول إلى الموارد العامة على نحو منظم وشفاف وعادل - مثل تحديد كيفية توزيع اللقاح عبر الفئات المختلفة.
إلا أنه للأسف الشديد، تركت الإدارة السابقة هذه المهمة في الجزء الأكبر منها للولايات، ما أدى إلى حدوث تباين - اتسم بصبغة سياسية شديدة بعض الأحيان - في عملية توزيع اللقاحات. وكان من الضروري أن تتسم الإرشادات الوطنية بخصوص الفئات التي تحظى بالأولوية بالوضوح منذ البداية، بجانب توفير دعم لضمان إتاحة الوصول العادل إلى هذه اللقاحات.
أيضاً، عانت استجابة الولايات المتحدة لأزمة فيروس «كوفيد - 19» من غياب المعايير المركزية لعملية توزيع اللقاحات. وكان بمقدور الحكومة توفير التوصيات التكنولوجية اللازمة لتسجيل المواعيد أو التحقق من الأهلية أو توفير منصة يمكن للشركاء في عملية التوزيع الدخول إليها. بدلاً عن ذلك، انتهى الحال بنا إلى مجموعات متنافرة من آليات تسجيل المواعيد - اتسم الكثير منها بصعوبة التعامل معه. وبلغ الأمر حداً من التعقيد والفوضوية دفعت بعض الأفراد الموهوبين للتدخل بغرض المساعدة.
وفي تلك الأثناء، ومثلما كشفت تجربة تأسيس موقع إلكتروني بالغ الضخامة لتوزيع اللقاحات، فإن الحكومة ربما تواجه صعوبة في بناء بنية تحتية من الصفر لتوزيع اللقاحات، على الأقل لدى مقارنتها بالعناصر الراسخة داخل هذه السوق. وتمتلك الصيدليات والمؤسسات الطبية الأخرى بالفعل المنشآت وقوة العمل وثقة العملاء والوعي اللازمين. ومع ذلك، وجدنا أن الجرعات التي كان يمكن توزيعها بكفاءة أكبر عبر الصيدليات ومؤسسات محلية أخرى جرى ربطها بدلاً عن ذلك بمواقع إلكترونية ضخمة.
ولا يقتصر هذا التوجه المفتقر إلى التنظيم إزاء الشراكة بين القطاعين العام والخاص على الصيدليات واللقاحات، ذلك أن آليات اختبار واقتفاء أثر فيروس «كوفيد - 19»، عانت هي الأخرى عجزاً مشابهاً إزاء تعزيز البنية التحتية القائمة والتنسيق بين الإرشادات والمعايير.
وفيما وراء العناصر الراسخة مثل الشركات الدوائية (في إطار «عملية السرعة القصوى») والصيدليات (في إطار جهود توصيل اللقاحات)، ينبغي أن تتطلع الحكومة نحو سبل للعمل مع المؤسسات الناشئة. والملاحظ أن عدداً متزايداً من منصات السوق تبني شبكات توريد على مستوى البلاد.
على سبيل المثال، شرعت شركة «دورداش» لتوها في توفير اختبارات «كوفيد - 19» بمجرد الطلب، بينما تجري «أمازون» اختبارات لإطلاق مبادرة صحية إلكترونية كبرى.
من جانبها، بإمكان الحكومة دعم هذه الجهود - بل وربما تدرس البناء عليها لخدمة أنماط أخرى من توصيل الخدمات العامة في المستقبل. ومع توافر إطار تنظيمي مرن بما يكفي، يمكن لخدمات التوصيل يوماً ما أن تساعد في إدارة وتوزيع المساعدات الغذائية. وبإمكان جهات توفير الخدمات الصحية الإلكترونية الإسهام بدرجة هائلة في توسيع نطاق القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية العامة.
الواضح أن ثمة فرصاً كثيرة للغاية هنا، لكن فقط إذا تعلمت الحكومة كيفية الاعتماد على الجهات القائمة المعنية بتوفير الخدمات بأقصى درجة ممكنة. ومع اقتراب البلاد من تجاوز الفترة الحرجة في جهود توزيع اللقاح، لا ينبغي أن تغفل كيف وصلت إلى هذه النقطة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»