مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

لو فعلها بايدن!

موافقة محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة على النظر في دعاوى التعويضات التي رفعها النظام الإيراني على الولايات المتحدة بسبب العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق ترمب، مؤشر غير طيّب، مع مؤشر آخر قرأه بعناية، في مقالته الأخيرة، روبرت فورد، السفير الأميركي السابق لدى كلٍّ من سوريا والجزائر والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، وهو تعيين الدبلوماسي المثير للجدل، روبرت «روب» مالي، مبعوث بايدن للملف الإيراني.
حسب فورد، فإن لدى مالي، مقاربته الراسخة في «تأهيل» النظام الإيراني، وخطّة ممرحلة من أجل ذلك، سبق له بحثها من خلال مركز «مجموعة الأزمات الدولية» الذي كان مالي يعمل به لوقت قريب. تركّز خطّته على الشق النووي العسكري الإيراني، وتهمّش بقية الملفات... وأخطرها برنامج الصواريخ الباليستية، والدور الإيراني التدميري في الشرق الأوسط.
يقول فورد عن مقاربة مالي وزميله سوليفان، مستشار الأمن القومي الجديد: «مالي وسوليفان أكدا أن التباحث بشأن قضايا أخرى من شاكلة البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني أو تصرفاتها الرعناء في منطقة الشرق الأوسط (ربما!) يُتاح لها المجال في أوقات لاحقة».
يتزامن ذلك من تحذيرات بقرب امتلاك إيران للقدرات النووية العسكرية، مع تحذيرات أطلقها كل من الرئيس الفرنسي ماكرون، ووزير الخارجية الأميركي الجديد بلينكن، بل ومستشار الأمن القومي الأميركي سوليفان، نفسه!
لكن هل يغامر الرئيس الأميركي الجديد، مدفوعاً بصقور الأوبامية في إدارته، لهذه المقاربة الضالّة الخطيرة، المهيّجة للحروب والصراعات الإقليمية، حتماً، وتجاهل كل التطورات السياسية والشعبية، ضد المشروع الإيراني، من شعبَي العراق ولبنان، قبل شعوب الخليج، مثلاً؟!
لا ندري، لكن يبدو، حتى الآن، أنْ لا مؤشرات تشي بالتوجه في مسار مسؤول حتى اليوم. يتحدث السفير فورد عن هذا المثال:
السيناتور الجمهوري توم كوتون -الذي سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة 2024- كان قد حذّر الرئيس بايدن من مغبّة تعيين مالي في منصبه الجديد، غير أن الرئيس بايدن تجاهل هذا التحذير تماماً.
صحيح أن وزير الخارجية بلينكن تحدّث عن «إشراك» السعودية وبعض دول المنطقة في المباحثات مع إيران في حال حصولها، كما كان قد شدّد على ذلك من قبل الرئيسُ الفرنسي ماكرون، لكن هل هذا شرط جوهري ثابت في السياسة الأميركية الجديدة، أم، ببساطة، يمكن تجاهله هو الآخر، أو تحويله لمجرد ورقة ضغط تفاوضية على إيران؟! خصوصاً مع مسارعة الرئيس الإيراني -حمامة النظام- حسن روحاني لرفض أي شركاء جدد في المفاوضات المزمعة؟!
أمام الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن فرصة حقيقية لصناعة سلام وتشييد جسور للسكينة في منطقة تعبت من التلاعب والحروب، لو ارتفع لمستوى اللحظة التاريخية الراهنة.
أخيراً أختم بمقولة السفير الأميركي روبرت فورد: «المعروف أن الرؤساء الجدد كافة يفقدون نفوذهم وزخمهم السياسي مع مرور الوقت، غير أن الرئيس بايدن يخاطر بتراجع سريع للغاية في نفوذه ومخاطر جمّة على أجندته السياسية الداخلية إنْ بدا ضعيفاً في مواجهة إيران».