كان عاماً مروعاً، ومع هذا يستحق الأمر أن نتوقف قليلاً ونبدي شعورنا بالتقدير تجاه كيف نهض عالم الشركات والتجارة الأميركي، وأثبت أنه على مستوى التحديات التي تفرضها اللحظة، خصوصاً فيما يتعلق بإنتاج ونقل عناصر أساسية مثل اللقاحات. في الواقع، واجهت سلاسل التوريد اختبارات عدة على نحو لم يسبق حدوثه مطلقاً، وحدثت بعض المشكلات المتعلقة بالتراكم والنقص وغيرها. ومع هذا، نجحت الشركات في الجزء الأكبر منها في ظل ظروف مستحيلة.
من ناحية أخرى، تراجعت أسهم شركة «فايزر إنك»، بعدما أشارت «وول ستريت جورنال» إلى أن الشركة سوف تسلم 50 مليون جرعة فقط من اللقاح هذا العام، ما يعادل نصف الكمية المستهدفة، وذلك بسبب مشكلات في سلسلة التوريد. واستغرق الأمر وقتاً أطول من المتوقع لتوفير المواد الخام اللازمة لتصنيع اللقاح بكميات كبيرة، حسبما أعلنت «فايزر». ولمحت الشركة على مدار أسابيع إلى أن الإصدارات الأولى من اللقاح سيجري تقليصها، وهذا ما أوضحته البيانات الصحافية الصادرة خلال نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا أنه بالنظر إلى مشاعر القلق الكبيرة السائدة حالياً وعواقب كل يوم يمر من الجائحة، أثارت هذه التصريحات حالة قلق شديدة على مستوى الرأي العام.
بالتأكيد سنكون سعداء برؤية لقاح يجري إنتاجه وتوزيعه بأكبر وأسرع وقت ممكن. إلا أنه بالنظر إلى أن الشركات الدوائية تنتظر الموافقة على لقاح حتى تنشئ سلاسل إمداد وخطوط إنتاج في المصانع، فإن حقيقة تمكن «فايزر» من تكوين عناصر بنية تحتية لتوفير أي لقاحات من الأساس خلال هذا العام يبدو إنجازاً مذهلاً يستحق الإشادة. ناهيك بذلك، فإنه لم يسبق لـ«فايزر إنك»، أو أي شركة دوائية كبرى أخرى إنتاج لقاح بمثل هذه الكميات الضخمة بالاعتماد على تقنية الحمض النووي الريبوزي.
من جهتها، أعلنت «بيوتيك إس إي»، شريكة «فايزر» في إنتاج اللقاح، الجمعة، أن الشركتين أنتجتا بالفعل الجزء الأكبر من الـ50 مليون جرعة، ما يعد بمثابة شهادة على القوة التصنيعية لسلسلة التوريد الخاصة بهما. ومن المتوقع أن تتمكن الشركتان من تعويض النقص الذي سيحدث هذا العام مع تعزيز إنتاج اللقاح، وتقفان اليوم في طريقهما نحو إنتاج 1.3 مليار جرعة على الأقل خلال عام 2021.
وخلال مؤتمر صحافي عقد مؤخراً، قال نائب الرئيس الأميركي مايك بنس ووزير الصحة أليكس آزار، إن الحكومة تهدف لأن تشرع «فايزر» في شحن اللقاح في غضون 24 ساعة من حصولها على موافقة الإدارة الأميركية للغذاء والدواء. ومن المقرر أن تنجز «فايزر» ذلك بالتعاون المباشر مع شركة «فيديكس كورب» بهدف الإسراع من وتيرة توزيع اللقاح.
من ناحيتها، تقدر شركة «شيبماتريكس» المعنية بتحليل البيانات اللوجيستية، بتحقيق فائض يقدر بـ7 ملايين طرد يومياً، خلال موسم الذروة الحالي مقارنة بالقدرة الفعلية لصناعة توصيل الطرود. ويأتي هذا قبل إنتاج شحنات من اللقاح، التي ستحل حتماً محل بعض أوامر الشراء المرتبطة بالتجارة الإلكترونية.
واختارت «سي في إس هيلث كورب» بالفعل نحو ألف من الصيدليات الحالية التابعة لها للعمل كمراكز لتخزين اللقاح. وبالنظر إلى تاريخ «سي في إس هيلث كورب» في إدارة عمليات توزيع لقاحات، فإن هذا يعني امتلاكها بالفعل عناصر بنية تحتية للتخزين البارد، ما يعد عنصراً ضرورياً لقيادة جهود توزيع اللقاح الخاص بفيروس «كورونا». تجدر الإشارة إلى أن «سي في إس هيلث كورب» ستتولى نقل جرعات اللقاح من المراكز بالاعتماد على حاويات باردة مجهزة خصيصاً لهذا الغرض وجرى تصنيعها من قبل شركة «إيروسيف غلوبال».
وبمجرد أن يصبح اللقاح متاحاً على نطاق واسع، ستربط «سي في إس هيلث كورب» منظومة إدارة مخزونها من اللقاح ببرنامجها الذي يتابع مواعيد الحجز الخاصة بالمرضى لضمان تلقي كل فرد على جرعتين من اللقاح ذاته. على سبيل المثال، لن يكون من المناسب حصول شخص على جرعة من لقاح «فايزر» وأخرى من لقاح «موديرنا». وستعتمد الشركة على ذات البرنامج الخاص بها لتذكير العملاء بمواعيد تسلم الوصفات الطبية الخاصة بهم، في حث العملاء على العودة للحصول على الجرعة الثانية من اللقاح. ورغم أن هذه الأمور لا تشغل بال الشخص العادي هذه الأيام، تظل الحقيقة أن هذه التفاصيل اللوجيستية تحمل قدراً هائلاً من الأهمية.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»