مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

علّم الإنسان ما لم يعلم

يقولون: تعددت الأسباب والموت واحد. وهذا صحيح، غير أن هناك مكاناً (واحداً آخر) يلجأ إليه كل البشر، مهما تعددت أجناسهم وألوانهم ودياناتهم، غنيهم وفقيرهم، لا بد لهم من اللجوء إلى الـ(wc) إذا استحكمت الحلقات لكي تفرج - وأقصد به الحمّام - وأهل بعض المدن يسمونه (بيت الراحة)، وأهل البادية يسمونه (بيت الخلاء).
ولفت نظري حمامات (غير شكل)، ابتكرها مهندسون يابانيون، وأعجبتني فكرتها فأحببت أن أقدمها على طبق من الزجاج كاقتراح لأمانة مدينة جدة.
وهي تتكون من ألواح زجاجية شفافة، من الممكن رؤية ما بداخلها ما دامت غير مشغولة، لكن (الزجاج الذكي) الذي تتشكل منه يتحول إلى معتم عندما تكون الحمامات مشغولة، فلا يمكن رؤية من بداخلها، وتتوزع تلك المراحيض حالياً في 5 مواقع في حي شيبويا بطوكيو، وتطلق عليها اسم (مشروع مراحيض طوكيو النموذجية)، وقالت المؤسسة القائمة على المشروع إن هناك اعتبارات عملية مهمة وراء إنشاء المراحيض الشفافة؛ يتعلق الأول بالتأكد من نظافتها قبل الدخول إليها، والثاني أن المكان إذا كان مشغولاً يغدو مظلماً.
وباستخدام تقنية جديدة قالت المؤسسة إن الجدران الخارجية الزجاجية للمقصورات تتحول إلى معتمة بعد قفل الباب، وإذا كانت فاضية فإنها تضفي على الحديقة منظراً جمالياً ليلاً، حيث تضيء بما يشبه الفوانيس الملونة، على حد تعبير الشركة.
من وجهة نظري فالفكرة قد تكون لطيفة وعملية، ولكنّ هناك اختراعاً جديداً قد يدعمها من دون أي داعٍ لتلك اللّفة الطويلة بين الظلام والنور.
فقد نجح علماء عاملون في المجال الفيزيائي من عمل الخداع البصري والتوصل إلى لباس سحري يمكن أن يُخفي أي شيء، ولكن ليس بصورة السحر بل بصورة الفيزياء.
بدأت الفكرة في جامعة روشستر، حيث قام فريق علمي فيها بابتكار جهاز بإمكانه إخفاء أي شيء كأنه طاقية إخفاء. تكمن الفكرة في استخدام العدسات القياسية، حيث تقوم بعكس الضوء فلا يمكن للعين رؤية الجسم.
وقد يطبَّق على أي لباس يرتديه الإنسان، سواء البنطلون أو (تي شيرت) أو الثوب، وفيه (زر صغير مخفي) يتحكم فيه من يرتديه، إن أراد أن يشاهده الناس ضغطه، وإن كان يريد أن يختفي عن الأنظار فبضغطة أخرى يصبح (في خبر كان) – بمعنى أنه إذا أراد أن يدخل (التواليت) - يدخل، وهو (آخر ألسطا) وسط الأنوار الساطعة، من دون أن يخدش حياءه أي متطفل.