مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

جماعة «الإخوان» والدولة السعودية... غيض من فيض

علاقة الدولة السعودية بجماعة الإخوان بالعقود الأخيرة، خاصة بعد حرب الخليج 1990 تراوحت بين: الشك والرفض والمهادنة أحياناً.
قبل ذلك كانت علاقة احتضان وإيواء واستعانة بهم، في التعليم والإعلام والشأن العام، وكان لذلك مناخه السياسي «الحربي» بين الدول العربية الثورية القومية أو اليسارية، والدول «المحافظة» سياسيا، الرافضة لهذا الهيجان القومي اليساري الحربي، وكان لجماعة الإخوان المسلمين في هذه الدول دور مؤثر.
غير أنه جرت في الساقية مياه كثيرة، وزرع «الإخوان» ألغام الشك كل حين، وبداية ذلك كانت في «مباركة» الإخوان لثورة الخميني 1979، وتحالفهم معها، وهي الثورة التي لم تخف أطماعها في الأرض العربية خاصة في الخليج والعراق، ونتذكر مواقهم تجاه السعودية والبحرين والكويت.
ثم كان الشرخ الأكبر في موقف الإخوان «المؤلم» لقيادات السعودية ودول الخليج أيضاً خاصة الكويت، وهو إما التأييد أو التعامي عن الغزو الصدّامي العراقي للكويت، أو التقليل من أمره، في مقابل تضخيم «الغزو الصليبي» الأميركي، وهو وصفهم لقوات التحالف الدولي لتحرير الكويت.
أما رصاصة الرحمة لدفن هذه العلاقة أو بقاياها بين «الإخوان» والسعودية فكانت فيما عرف بموسم الربيع العربي 2011 فقد أفصحت الجماعة عن نياتها السياسية الانقلابية الحقيقية على الدول العربية، خاصة مصر والسعودية.
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان حاسما في الموقف من هذه الجماعة، وقد أثبتت الأيام صدق موقفه، في أبريل (نيسان) 2018 صرّح محمد بن سلمان لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، مذكّراً بأن «الإخوان هم دائماً أساس الإرهاب... لو نظرت إلى أسامة بن لادن، فستجد أنه كان من الإخوان المسلمين، ولو نظرت للبغدادي في تنظيم (داعش) فستجد أنه أيضاً كان من الإخوان المسلمين... في الواقع لو نظرت إلى أي إرهابي، فستجد أنه كان من الإخوان المسلمين».
ثم أطلق تحذيراً للأوروبيين عن «الإخوان»، ها نحن نرى اليوم ماكرون فرنسا ومستشار النمسا يواجهون صدق هذا التحذير، قال الأمير محمد بن سلمان في عام 2018 عن الهدف الإخواني في أوروبا: «هدفهم الرئيسي يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة، فهم يأملون بأن تصبح أوروبا قارة إخوانية بعد 30 عاماً، وهم يريدون أن يتحكموا في المسلمين في أوروبا».
في مقابلة تلفزيونية في محطة «سي بي إس» الأميركية تعهد الأمير محمد بن سلمان بـ«اجتثاث عناصر الإخوان المسلمين» من المدارس السعودية في وقت وجيز...
هيئة كبار العلماء، أعلى هيئة دينية علمية، نشرت مؤخراً بياناً اعتبرت فيه جماعة الإخوان المسلمين «جماعة إرهابية لا تمثل نهج الإسلام».
هذه المواقف السعودية الصريحة والمباشرة، هي السبب الجوهري لحملة التشويه والعداوة «الدولية» الإخوانية ضد السعودية وضد محمد بن سلمان، بصفة خاصة، قبل خاشقجي، وقبل ترمب وأثناء ترمب وبعد ترمب.