مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

«الرأي قبل شجاعة الشجعان»

ليس هناك إنسان (عاقل) لا يخاف، ومن يقول غير ذلك فهو كذاب وستين كذّاب، لأنَّ الخوف مرادف للدفاع عن الحياة، وهناك فرق بين الخوف والجبن، مثلما هناك فرق بين الشجاعة والتهور.
وهذا (عنترة بن شداد) أشجع الشجعان، عندما واجهه ثور هائج فأطلق ساقيه للريح هارباً، فتعجب وسخر الناس من هروبه، فرد عليهم قائلاً: ومن أدرى الثور أنني عنترة؟!
ولو كنت في مكانه فحاشا لله أن أهرب، لأنني ساعتها سوف أصاب بسكته قلبيّة.
وغريزة الخوف والشجاعة، يشترك فيها الرجل والمرأة في المواقف الصعبة، وسوف أضرب لكم مثلين واقعيين لرجل وامرأة تعرض كل منهما لموقف مرعب.
الأول هو الممثل الذي يقوم ببطولة آخر سلسلة من أفلام (جيمس بوند)، وذلك عندما استضافت قاعدة جوية بريطانية عدداً من الفنيين الذين يعملون على تجهيز مشاهد تابعة لذلك الفيلم الذي يحمل عنوان: لا وقت للموت (No Time To Die)، إلا أن تصوير الفيلم شهد اضطراباً غير متوقع، حيث تم إجلاء ما يقدر بنحو 400 شخص من فريق عمل الفيلم، بينما انتشرت الكلاب البوليسية في المنشأة العسكرية لتمشيطها بحثاً عن المتفجرات، فضلاً عن وضع طوق طوله 300 متر حول شاحنة مقلوبة مشتبه بها، وتملك تصريحاً أمنياً منتهية صلاحيته، اتضح أخيراً أنه لا هناك عملية إرهابية ولا يحزنون. وبعدها سمحت للمخرج والممثلين أن يستأنفوا عملهم، غير أنهم لم يجدوا بطل الفيلم المغوار، لأنه انطلق بسيارته هارباً، ولم يعثروا عليه إلاّ بعد أسبوع، وكان من اشتراطاته لكي يعود للعمل أن يتم التصوير في مكان آخر بعيد عن القاعدة، لأنه أصيب (بفوبيا) وأعصابه لا تتحمل.
والموقف الثاني: تمكنت موظفة استقبال بفندق في ولاية كنتاكي الأميركية وعمرها 26 سنة، عندما واجهت لصاً ملثماً يحمل مسدساً، اقتحم عليها صالة الفندق يريد أن يستولي على المال الموجود لديها.
فما كان من شجاعة وذكاء الموظفة ورباطة جأشها إلاّ أن وافقته على ذلك، وأخرجت النقود وبعثرتها أمامه متعمدة، وعندما التهى هو بجمعها، فما كان من (بنت أبوها) إلاّ أن تقفز عليه، واختل توازنه وسقط على الأرض في الوقت الذي خطفت فيه هي مسدسه، وعندما حاول الهرب أطلقت النار على قدمه، فاستسلم صاغراً، واتصلت هي بكل برود بالبوليس وقبضوا عليه.
ولو كانت لي قدرة لاستقطبت تلك البنت وجعلتها حارسة شخصية لي، ترافقني أينما تحركت ليلاً أو نهاراً.