زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

البئر المميتة

إنها قصة أخرى مع الملكة كليوباترا قد تشير إلى أنها غير معجبة بي ولا تريد أن نكشف عن مقبرتها. وقد أكون عشقت كليوباترا لأنني وأنا في بداية حياتي قد قابلت الفنانة إليزابيث تايلور عندما جاءت لزيارة الهرم مع الكاتب الكبير ومكتشف مراكب الشمس كمال الملاخ. ويومها شاهدت أجمل عيون لكليوباترا الحديثة وسألتها عن حبها مع «مارك أنتوني»، وكنت أقصد الممثل ريتشارد بيرتون الذي قام بدور «أنتوني». وقد كان لمقابلتي مع إليزابيث تايلور تأثير كبير في أن أبدأ الحفر والبحث عن مقبرة هذه الملكة الشهيرة.
وقد عثر في معبد تابوزيريس - ماجنا على العديد من الأنفاق التي تصل إلى نحو 40 متراً تحت سطح الأرض، وبعد ذلك تستمر إلى مساحة 100 متر. وقد دخلت هذه البئر في مغامرة لم تحدث من قبل، وجاء التلفزيون الياباني لعمل فيلم معي عن الملكة كليوباترا، لذلك وجدت أن النزول داخل هذه البئر مع أشهر ممثلة يابانية سوف يجعل اليابانيين يعيشون في هذه المغامرة، خصوصاً أنهم يعشقون هذه الملكة الساحرة التي أحبت أقوى رجلين في العالم القديم وهما يوليوس قيصر ومارك أنتوني. وأعتقد أنها كانت تريد أن تحكم العالم كله من خلال هذين القائدين لولا أوكتافيوس الذي هزم مارك أنتوني في معركة أكتيوم الشهيرة وقضى على حلم كليوباترا ثم انتحرت بعد ذلك عن طريق سم أفعى الكوبرا، أي أنها أرادت أن تموت ميتة ملكية من رمز المُلك وهو الكوبرا.
وقد وجدت داخل معبد تابوزيريس - ماجنا على بئر تبدو نهايته مدخل مقبرة كليوباترا، ولكنّ رئيس العمال قال لي: «إننا نطلق على هذه البئر اسم (البئر المميتة) لأن هناك بعض العمال نزلوا إلى الأسفل ولم يعودوا مرة أخرى»، ولكن قلت: «ولا يهمك». وقاموا بربطي بالحبال وبدأت أنزل داخل البئر المميتة حتى وصلت لمسافة 9 أمتار، ووجدت أن نزولي لن يجعلني أصل إلى القاع، لذلك طلبت أن يتم إحضار ماكينة وأنزل في صندوق داخل البئر عن طريق الماكينة المتصلة بالصندوق.
وفعلاً بعد نحو شهر تقريباً من المغامرة الأولى أُحضر الصندوق وكان هناك نحو 20 سفيراً من سفراء أميركا الجنوبية وغيرها يزورون المعبد ونزلت بالصندوق إلى نحو 30 متراً وبعد ذلك وجدت أن هناك صعوبة في أن أنزل أكثر من ذلك، فناديت على زملائي لسحب الصندوق، وهنا حدثت المفاجأة، فقد تعطلت الماكينة تماماً، ولذلك أصبحت هناك استحالة لسحب الصندوق إلى أعلى. ونظرت إلى الأسفل لأجد أن هناك مياهاً جوفية تحتي وبعد ذلك نظرت إلى الأعلى وأنا أسمع صراخ العمال والزملاء وقضيت على هذه الحال أكثر من ساعة، ولم أتصور أنني سوف أخرج من هذه البئر المميتة، ولكن يبدو أن الملكة رأفت بي وتم إصلاح الماكينة وأنقذت كليوباترا حياتي.