تاي كيم
كاتب من خدمة «بلومبرغ»
TT

«تويتر» ومشاكل تزايد عدد المستخدمين

يواصل المستخدمون التدفق على منصة «تويتر» للتواصل الاجتماعي، بيد أن هذا التدفق الكبير لا يجعل من تلك المنصة استثماراً أفضل بالنسبة للمساهمين.
ففي وقت مبكر من يوم الخميس الماضي، أعلنت «تويتر» عن نمو قوي في أعداد المستخدمين خلال الربع الثاني من العام الجاري؛ إذ وصل مقياس المستخدمين الرئيسي – وهو يعكس متوسط الاستخدام النشط اليومي على المنصة – إلى 186 مليون مستخدم خلال الشهور الثلاثة التي انتهت في يونيو (حزيران) الماضي، مسجلاً ارتفاعاً بمقدار 34 في المائة عن الفترة نفسها من العام السابق، متفوقاً بكل سهولة على متوسط 174 مليون مستخدم الذي توقعه المحللون. وكانت أرباح الربع الفصلي الثاني، على الرغم من ذلك، أقل من توقعات «وول ستريت» بواقع 683 مليون دولار، بانخفاض يُقدر بنسبة 19 في المائة عن الفترة نفسها من العام السابق.
وحصلت أسهم الشركة على دفعة كبيرة من واقع ارتفاع أعداد المستخدمين التي كانت رائعة للغاية. غير أن المحفزات التي ساهمت في زيادة أعداد المستخدمين ربما تكون مؤقتة وليست مستمرة. ولقد أشارت شركة «تويتر» نفسها إلى الحالة التاريخية غير المعتادة المسجلة في الربع الفصلي المنتهي في يونيو الماضي، في خطابها الموجه إلى المستثمرين، إذ قالت: «كانت الزيادة السنوية في متوسط الاستخدام النشط اليومي مدفوعة بصورة أساسية من العوامل الخارجية، مثل استمرار متطلبات البقاء في المنازل بالنسبة لكثير من المستخدمين، وارتفاع وتيرة المحادثات العالمية بشأن وباء (كورونا) المستجد، وغير ذلك من الأحداث العالمية الجارية».
وفي حين أن منصة «تويتر» كنت تحتل مركز المناقشات فيما يتعلق بجدالات المظالم العنصرية عبر شبكة الإنترنت، فإن الكم الهائل من المدونات الخاص بموجة الاحتجاجات التي ترفع شعار «مرة واحدة في الجيل» من المرجح أن تعاود الانخفاض والتراجع مع مرور الوقت. وعلاوة على ذلك، فإن المكاسب التي حصلت عليها منصات التواصل الاجتماعي من المستخدمين الذين يلزمون منازلهم أمام شاشات الحواسيب في خضم الوباء الراهن سوف تتراجع بمرور الوقت أيضاً.
والأهم من ذلك، أن أداء المبيعات الضعيف لدى شركة «تويتر» يدلل على أن المشكلات القديمة التي تعاني منها الشركة لا تزال قائمة ومستمرة. فلا يزال يتعين على الشركة تسوية فجوة تحقيق الأرباح بالمقارنة بالمنصات الأخرى بصورة أساسية، نظراً للإمكانات التقنية المتدنية التي تستمر الشركة في الاستعانة بها في مجال الإعلانات. وفي المقابل، فإن الشركات المنافسة من شاكلة «فيسبوك» و«سناب» تحقق ازدهاراً ملحوظاً من خلال المعاملات الأكثر تقدماً، والعروض الموجهة صوب الأداء، والخاصة بالجهات المعلنة لديهما.
ثم تأتي قضية حاسمة أخرى تتعلق بالثقة. فلم يمر سوى أسبوع واحد فقط على أسوأ اختراق أمني تتعرض له منصة «تويتر» منذ نشأتها وحتى الآن، ولا تزال التداعيات طويلة الأمد للحادثة الأليمة لم تتكشف حتى الآن. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، جرى اختراق عشرات الحسابات على «تويتر» – بما في ذلك حسابات أكثر المشاهير متابعة على المنصة – ثم استخدامها في نشر رسائل احتيالية عبر منصة «بيتكوين» لتداولات العملات الرقمية. ولا تزال تفاصيل الهجمة الإلكترونية تتبدى مع مرور الوقت، مع اعتراف الشركة مؤخراً بأن القراصنة قد قاموا بتحميل معلومات شخصية كبيرة ذات صلة بأنشطة التداول لدى عدد قليل من الحسابات. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل قالت شركة «تويتر» أيضاً إن القراصنة ربما قد نجحوا في الدخول إلى الرسائل الشخصية المباشرة لأكثر من 36 حساباً على المنصة. ومما يؤسف له أن الثغرات الأمنية من هذا النوع كانت شائعة ومعروفة على منصة «تويتر» على مدار السنوات العشر الماضية. وإذا ما استمرت هذه الانتهاكات فسوف يقرر المستخدمون في خاتمة المطاف الاستغناء عن خدمات الشركة تماماً.
ومع ذلك، فلقد حققت شركة «تويتر» تقدماً ملحوظاً في مجال واحد مهم، ألا وهو مكافحة التضليل، والمضايقات، وخطابات الكراهية عبر المنصة. وفي شهر مايو (أيار) الماضي، اتخذت الشركة الخطوة الأولى المهمة في مساءلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بموجب بعض الإرشادات التي تطبقها على مراقبة المستخدمين الآخرين المشتركين في الخدمة نفسها. وفي ذلك الوقت، أضافت إدارة الشركة لافتات تحذيرية على منشورات الرئيس الأميركي بشأن التصويت عبر البريد الإلكتروني، ثم قامت في وقت لاحق بحجب تغريدة للرئيس الأميركي بسبب تعمد انتهاك قواعد النشر بشأن «تعظيم أعمال العنف». ولقد تطلب الأمر شجاعة وجرأة فائقة من جانب إدارة الشركة لكي تتخذ تلك الخطوة. وينبغي الإشادة بالشركة لأنها حازت قصب السبق والريادة بذلك التصرف.
ومرة أخرى، اتخذت شركة «تويتر» إجراءات أكثر صرامة خلال الأسبوع الجاري، عندما كشفت إدارة الشركة أنها قامت بتعليق آلاف الحسابات التي تتعمد نشر نظريات المؤامرة المضللة، فضلاً عن المشاركة في حملات الإزعاج والمضايقات. ومما يُضاف إلى ذلك، شرعت المنصة في تقييد نشر رسائل معينة في الموضوعات الشائعة مع ميزات البحث الأخرى. ومن شأن هذه الخطوات الصارمة الأخيرة – لا سيما عند المقارنة مع منصة «فيسبوك» – أن تعود بالفائدة على شركة «تويتر» في المستقبل القريب. فمن شأن منصات التواصل الاجتماعي أن تشهد مزيداً من المراجعات الحكومية في المستقبل، ولأجل ذلك فإن اتخاذ الخطوات السريعة الآن ربما يساعد الشركة في تجنب فرض مزيد من القيود الرقابية عليها. وبطبيعة الحال، فإن مساحات المناقشة الصحية عبر شبكة الإنترنت هي من الأمور الإيجابية بالنسبة لقاعدة المستخدمين الكبيرة، ولجهات الإعلانات كذلك التي تساورها الشكوك والقلق بشأن سلامة العلامة التجارية للمنصة الاجتماعية.
لكن في نهاية المطاف، لا تزال أمام شركة «تويتر» قائمة مطولة من القضايا والمسائل التي تحتاج إلى التناول والمعالجة. إذ تحتاج الشركة إلى إظهار التقدم الحقيقي في تحسين تكنولوجيا عرض الإعلانات، وبناء الضمانات الأمنية الراسخة، فضلاً عن النجاح في إضافة مزيد من المميزات المبتكرة. وفي حين أن منصة «تويتر» قد برهنت عن أنها تواصل البحث عن فرص أخرى لزيادة الأرباح غير الإعلانية، مثل الاشتراكات المالية، والحملات مدفوعة الأجر، والتجارة الإلكترونية، فإنه ينبغي على المستثمرين منح الشركة فوائد الشكوك التي تحيط بها، على اعتبار سجل الأداء الباهت لديها في الآونة الأخيرة.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»