ماكس نيسين
TT

تفسير بسيط لمنحنى «كوفيد ـ 19»

انتشر المخطط المقلق الموضح أدناه؛ وهو يوضح الأداء السيئ للولايات المتحدة في احتواء فيروس «كوفيد - 19» مقارنة بأداء دول الاتحاد الأوروبي التي شهدت انتشار هذا الوباء قبل الولايات المتحدة الأميركية. ما السبب وراء هذا الفرق الكبير؟ ما الذي أخطأت فيه أميركا؟
هناك كثير من الأجوبة المحتملة لتلك الأسئلة؛ ربما يكون أولها الاستجابة المتباطئة والفشل في زيادة عدد الاختبارات والفحوص، حيث أدى ذلك إلى انتشار الفيروس في أنحاء الولايات المتحدة؛ وعوضاً عن تنسيق الجهود من أجل الوصول إلى استجابة متسقة صارمة على مستوى البلاد، استمر الرئيس دونالد ترمب في التقليل من شأن خطر العدوى، وترك أمر اتخاذ القرارات في أيدي ولايات لا تحظى بما يكفي من الدعم. نتيجة لذلك اتسمت قرارات الإغلاق واستئناف الأنشطة بالفوضى، وتجاهلت الإرشادات التي وضعها مسؤولو الصحة العامة في الحكومة الفيدرالية.
في خضم كل ذلك، كان هناك فارق واضح وملحوظ بين النهجين الأميركي والأوروبي. كانت ولايات كثيرة سعيدة باستئناف الأنشطة وعودة الحياة إلى طبيعتها بمجرد حدوث تغير طفيف في منحنى انتشار الوباء، الذي تجلى في تباطؤ ازدياد حالات الإصابة، وتراجع أعداد الحالات التي تستقبلها المستشفيات. وسارعت تلك الولايات نحو توسيع نشاطها الاقتصادي بشكل كبير، إلى جانب القيام بكثير من عمليات النقل. على العكس من ذلك، لم تتعجل الدول الأوروبية استئناف أنشطة الحياة ولم تقدم على ذلك إلا بعد انخفاض المنحنى تماماً، أو وصوله إلى أدنى نقطة له، مع انخفاض حالات الإصابة بشكل كبير، أو تراجع انتشار الوباء. ربما لا يكون هذا هو التفسير الوحيد لاتساع تلك الهوة، لكنه تفسير مثير للاهتمام.
تعد إيطاليا استثناء، حيث سمحت باستئناف الأنشطة في ظل ازدياد حالات الإصابة نسبياً. مع ذلك كانت البلاد تتعافى من انتشار كبير ومكثف، وكانت حالات الإصابة تشهد تراجعاً ملحوظاً، حيث وصل متوسط الإصابات اليومية إلى أقل من 20 حالة في المليون خلال الأسبوع الأول بعد قرار عودة الأنشطة بشكل محدود مبدئي؛ وهو مقياس لم تصل إليه أكثر الدول المتضررة منذ بداية أبريل (نيسان).
لماذا إذن لتراجع عدد الإصابات أهمية كبيرة في نجاح استئناف أنشطة الحياة؟ يمكن الإجابة بإحصاءات بسيطة. يعني ازدياد انتشار الفيروس في مجتمع وجود فرص أكبر لانتشار العدوى، ويجعل ذلك أي إجراءات احترازية يتخذها الأفراد أو المسؤولون أقل فاعلية وتأثيراً، وكذا يزيد من خطورة كل نشاط تتم ممارسته. لا يعني هذا بالضرورة انتشاراً فورياً للفيروس على نطاق واسع، حيث أصبح الناس أكثر حذراً وحيطة بعد فترة الإغلاق، لكن مع اتساع نطاق الأنشطة ليشمل خدمات مثل الخدمة داخل الحانات، من المرجح أن يسبب ارتفاع المستوى القاعدي للعدوى مشكلات.
كذلك يمثل ارتفاع عدد الإصابات في ظل استئناف الأنشطة بشكل كبير تحدياً أكبر في تحديد نسبة الأشخاص المصابين وعزلهم لكثرة عددهم؛ فعند نقطة ما ستزداد عدد الحالات بدرجة تجعل من الصعب للغاية تعقبهم ورصدهم. تشير الفجوة بين أوروبا وأميركا إلى ضرورة التريث في استئناف الأنشطة في الولايات التي سارعت نحو القيام بذلك، وقد انتبه بعض حكام الولايات لهذا الأمر، ففي ولاية تكساس التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات، أمر غريغ أبوت، الحاكم الجمهوري للولاية، بتأجيل إعادة فتح الأعمال وإغلاق الحانات؛ وكذلك جمدت ولاية كارولاينا الشمالية قرار استئناف الأنشطة، مثل يوتا ونيفادا.
بطبيعة الحال، يوجد نموذجا نيويورك ونيو جيرسي، اللتين انتظرتا انخفاض منحنى الإصابات قبل اتخاذ قرار استئناف الأنشطة. والآن حتى في ظل استئناف الأنشطة في الولايتين تراجعت حالات الإصابة الجديدة بشكل كبير.
يوضح المخطط حقيقة الأمر؛ وهي أن تعجل إعلان الانتصار في ظل تصاعد منحنى الإصابات يؤدي إلى ازدياد الإصابات مرة أخرى.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»