مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

لبنان... إلى أين؟!

منذ أن وعيت على الدنيا، والزعماء التقليديون في لبنان الشقيق يتوارثون هذه الزعامات، معظمهم يحط في الآخر ما حطه مالك بالخمر من ناحية الفساد، وكأنه هو ما شاء الله طاهر الذَنَب، ومثل هذه النماذج موجودة أيضاً في بعض البلاد العربية.
فهل نحن مخطئون؟ هل علينا إثم لو أننا أخذنا الدرس جيداً من عدونا؟!
هذا هو السؤال العويص الذي توقفت عنده ملياً، وترددت في كتابته، غير أنني عزمت على المخاطرة، وسوف أضرب لكم مثلاً واحداً صغيراً، وعليكم أن تضعوه حلقة في آذانكم، هذا إن كانت لكم آذان!
إليكم (إيهود أولمرت) رئيس وزراء العدو الصهيوني سابقاً، خدم في الجيش الإسرائيلي من عام 1963 حتى 1971، ثم أصبح وزيراً للصحة، وبعدها رئيساً لبلدية القدس، ثم وزيراً للمالية، إلى أن أصبح رئيساً للحكومة من 2006 حتى 2009. كل هذا السجل الحافل في خدمة دولته، لم يشفع له أمام القانون، فكبّلت يداه كأي مجرم عادي لينال عقابه ويسجن في زنزانة بتهمة الفساد.
وعندما صدر عليه الحكم، لم يخرج أنصاره ليهتفوا له بهتافنا السخيف الخالد... بالروح بالدم، نفديك يا (زعطان)، وإنما رضخ لحكم القانون - لا تعليق!
كيف تقوم للبنان قائمة، والحكم كله بطريقة غير مباشرة بيد «حزب الله»، ورئيسه الذي يفخر ويكرر ليل نهار أنه مجرد جندي في جيش الولي الفقيه الشجاع المجاهد (خامنئي)، الذي يتشرف كلما التقاه بتقبيل يده والجلوس عند قدميه. أي دولة هذه التي يتفوق فيها سلاح «حزب الله» على سلاح الجيش؟! (وميليشياته) تجوب لبنان، من جنوبه إلى شماله، بدراجاتها النارية، مهددة كل من يفتح فمه أو يرفع رأسه، وها هي عملة الدولة تتهاوى خلال سنة واحدة أمام الدولار 3 أضعاف.
وها هو الأستاذ رؤوف قبيسي، يكتب في جريدة «النهار»، موجهاً حديثه لرئيس وزراء لبنان، مطالباً بفتح الملفات الباقية المتصلة بالكهرباء، والجمارك، والمرفأ، والتهريب، والأملاك البحرية، وغيرها من الملفات الشائكة التي صنعتها أيدٍ آثمة، ويمضي قائلاً: «إن المناصب في الدول الراقية لا ترتكز على العرق أو الدين أو اللون، فقد كان أوباما أسود في بيت أبيض، وكان ساركوزي الذي في عروقه دماء (يهودية) رئيساً لفرنسا (الكاثوليكية)، كذلك صادق خان (المسلم) الباكستاني الأصل، الذي لا يزال يشغل رئيس بلدية لندن، في بلاد عمادها الروحي التاريخي كنيسة إنجلترا».
ويحق لي أن أقول: سبحان من أعطاهم قطعة من أجمل بقاع الأرض، فعاثوا فيها...