علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

التقنية أسهل

منذ ظهور التقنية في عالمنا العربي والجميع يؤيد انتشارها، ويرى أن التقنية في الوزارات والمؤسسات والهيئات ستساعد على جودة حياة الناس. وكنت أرى أن دخول التقنية في المؤسسات الاقتصادية بالإضافة إلى أنها تقلل التكاليف وتزيد هامش الربحية ستقدم خدمة مريحة للعملاء.
ولكن للأسف يبدو أنني مخطئ ولا أعرف هل الخطأ في التقنية أم في سوء الاستخدام؟ وكنت أظن أن البنوك أفضل من سيتعامل مع هذه التقنية، وذلك لأنها مؤسسات مهنية، كما أنها تمنح موظفيها رواتب معقولة مقارنةً بغيرها من المؤسسات الأخرى.
ولكن يبدو أنني كنت مخطئاً؛ فقد حصلت لي الكثير من الحالات التي كان فيها سوء استخدام التقنية سبباً في تعقيد مواضيعي البسيطة بدلاً من حلها بسرعة أكبر من سرعة المناولة اليدوية.
ولن أطيل عليكم القصة ولكني سأسرد ما حصل لي مع أحد البنوك السعودية ولتحكموا هل استخدام التقنية يريح العميل أم لا؟ لديّ موظفان وقد أصدرت الحكومة السعودية قراراً بأن يكون تحويل رواتب الموظفين عن طريق البنوك السعودية وقد كان هذا القرار قراراً ساراً بالنسبة لي وبالنسبة للكثيرين لأنه يحفظ حقي بأني سلمت الموظف راتبه ويحفظ حق الموظف بوصول مرتبه إليه، كما أنه يغنيني عن سجل الراتب أو مسير الرواتب كما نقول، وكذلك يجعل البنك شاهداً على الجميع. المهم، توجهت إلى البنك مصطحباً موظفيَّ وفعلاً فتحت حسابين لهما وتم إصدار بطاقة «أسهل»، وهذا اسمها، لكل واحد منهما مقابل رسم يدفعه رب العمل مقداره 100 ريال (26.3 دولار أميركي) لكل منهما، وبدأت أحوّل لهما راتبيهما كل شهر، وهنا صار الأمر مريحاً لي ولهما.
بعد ذلك انتهت خدمات الموظفين وسافرا إلى بلدهما مصحوبين بسلامة الله.
وبعد فترة جاءتني رسالة اقتطاع 94.5 ريال (25.2 دولار) لا أعرف مصدرها، توجهت للبنك لأعرف السبب فأفادني موظف البنك بأنها رسوم بطاقة «أسهل» للموظف لديّ، أخبرت الموظف بأن الموظف انتهت خدماته لديّ وأني أرغب في إيقاف البطاقتين فأرشدني أن ذلك يتم عن طريق الهاتف المصرفي.
استبشرت خيراً وذهبت للمنزل وهاتفت المصرف وفعلاً استقبل طلبي وتم إرسال رسالة لي بأنه تم إنشاء طلب لي، فرحت أيضاً لأن التقنية سهّلت عليّ الأمور، ولكن بعد عدة أيام جاءتني رسالة تفيدني بالاعتذار عن تنفيذ طلبي دون ذكر السبب. هاتفت المصرف مرة أخرى وذكرت له القصة وطلبت معرفة سبب عدم تنفيذ طلبي فأجابني الموظف بأن السبب لا يظهر لديه ولكن يمكن إنشاء طلب جديد. وافقته وبعد عدة أيام جاءتني رسالة تفيد بتنفيذ طلب دون الآخر. طبيعياً، اتصلت بالبنك وكلمني الموظف وذكرت له قصتي فذكر لي أنني جئت للموقع الخطأ وأن عليّ مراجعة فرع التحويل، حاولت أن أشرح له ولكنه أصر على أنني مخطئ وأن زملاءه السابقين كانوا على خطأ وأن عليّ أن أتوجه إلى الفرع. هنا حلّت إجازة العيد وبعد إجازة العيد، أي الأسبوع الماضي، توجهت إلى الفرع حسبما ذكر لي، قابلني مدير الفرع وذكر لي أن إنهاء طلبي يكون عن طريق الهاتف لا عن طريقهم، ذكرت له ما حدث لي وأني أرفض أن أكون كرة بينغ بونغ بينهم، تعاطف معي وسلمني ورقة وكتبت بها ما حصل وأرفقت الأوراق المطلوبة.
ذهبت إلى المنزل مرة أخرى واتصلت بالهاتف وأخبرتهم قصتي مرة رابعة وتعاطف معي الموظف وفعلاً تم إيقاف البطاقات والأهم إيقاف الرسوم، وقد استمرت العملية نحو شهرين. هذه القصة توضح أن التقنية بدلاً من أن تحلّ الموضوع عقّدته ولم تعفني من زيارة البنك وأنا حقيقةً لا أعرف هل أُنهي الطلب إلكترونياً أم ورقياً؟!
يا ترى ما سبب ذلك، هل هو عدم وضوح الإجراءات أم عدم تطويع التقنية؟ فما فائدة أن تأتيني رسالة برفض الطلب دون ذكر السبب لأستوفيه؟!
الأمر الآخر أن الإجراءات غير موحدة في البنوك السعودية، وأنا هنا أتحدث عن الأمور الروتينية مثل حالتي لا الأمور المهمة، فمثلاً في حال انتهاء صلاحية البطاقة الشخصية وتجديدها لدى الجهات الرسمية يقوم بعض البنوك بتحديث معلومات حسابك مباشرةً لأنها مربوطة مع الجهات المختصة فيما يطلب بعض البنوك زيارتها مصطحباً البطاقة الجديدة. فلماذا هذا الاختلاف؟ هل لأن بعض البنوك تبحث عن أنظمة تقنية رخيصة لا يمكنها التعامل مع كل الحالات أم أن الأمر غير ذلك؟ هذا غيض من فيض، وإلا فالنواقص كثيرة. للأسف نحن لم نخترع التقنية ولكن المؤسف أننا لا نحسن التعامل معها. في السعودية والخليج الأنظمة التقنية متقدمة فما بالك بإخواننا العرب الذين تقدمهم التقني بطيء ويجبرون على التعامل معها.