علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

مواكبة

رغم محاولة دول العالم رفع بعض القيود عن الناس وتقليص ساعات الحظر، ليمارس الناس أعمالهم بحذرٍ لعدم انتهاء جائحة كورونا، لكن نواتج الجائحة الاقتصادية أجبرت متخذي القرار في دول العالم على تخفيف القيود حتى لا يموت الناس جوعاً.
والعالم العربي جزء من هذا العالم ومضطر لتخفيف القيود رغم تفاوت المعالجة بين قُطر عربي وآخر، ولكن العالم العربي مضطر لمواكبة العالم وذلك لضعف الموارد في بعض الأقطار وضيق مساحة الحلول، بل إن بعض الدول العربية التي تملك بعض الثروات وجدت نفسها مضطرة للتقشف، فما بالك بالدول العربية ذات الموارد المحدودة، التي وجدت نفسها مضطرة لتخفيف القيود لعدم قدرة خزينتها على استيعاب نواتج النازلة، هذا التخفيف من قيود الحظر يجعل المجتمع هو من يتحمل تطبيق تعليمات وزراء الصحة العرب في التعامل مع تخفيف القيود، مثل التباعد ولبس القفازات والكمامات وغير ذلك من التعليمات.
في عالمنا العربي تعاملنا مع قيود الحظر رغم قسوتها على النفس، وتعايشنا معها وبعضنا لم ينقطع عن عمله، وبعض التلاميذ لم ينقطعوا عن مدارسهم، فهل باستطاعتنا كمؤسسات حكومية ومجتمعية تقييم التجربة والاستفادة من بعض جوانبها؟
أظن ذلك ممكناً، فقد اكتشفنا أنه يمكن تأدية عدد كبير من الأعمال وبجودة عالية من البيت، فمثلاً في الوظائف الاستشارية يمكن تأدية العمل من المنزل بجودة عالية، لا سيما إذا كان المستشار منوط به تقديم الاستشارة لا متابعة تنفيذها على الأرض، وكذلك بعض الوظائف الهندسية لا سيما مهندسي التصميم أياً كان تخصصهم، سواء من يصمم منزلاً أو آلة أو ديكورا أو غير ذلك. سيقول قائل ما فائدة ذلك خاصة إذا تجاوزنا جائحة كورونا؟، الفائدة باختصار: اقتصادية، إذ إن ذلك سيقلل التكاليف مما سيقلل أيضاً من سعر المنتج ليكون ذلك في مصلحة المستهلك.
أما التعليم فقد سبق الجائحة عبر التعليم عن بُعد خاصة في الجامعات التي تتيح كورسا أو كورسين في الفصل الواحد لتكون عن بُعد، ولكن أثناء الجائحة أصبحت كل الكورسات الجامعية عن بُعد وهذه تجربة جديدة، فهل سيخفف التعليم عن بُعد رسوم الجامعات الخاصة؟ ليزداد عدد الطلبة متى قلّت التكاليف وهل ستكون التجربة مفيدة في التعليم العام؟ على التربويين أن يقيموا التجربة ويخبرونا بالنتيجة.
ومما استفدناه أثناء الجائحة إمكانية تقديم الدورات التدريبية عن بُعد، وأنتم تعلمون أن الكثيرين بحاجة للدورات التدريبية لتطوير أنفسهم وظيفياً ولكن يقف في وجههم عائقان، الأول الوقت الذي يتعارض مع أعمالهم، والثاني ارتفاع رسوم الدورة، ولا شك أن التعليم عن بُعد سيمنح مرونة في الوقت وسيخفض سعر الدورة التدريبية.
الأمر الآخر أن بعض الموظفين يحتاج إلى تعلم لغة معينة لأي سبب، مثلاً من يعين دبلوماسيا في بلد يتكلم الإسبانية يرغب في معرفة لغة البلد وقد يعوقه الوقت، فلو قدمت كورسات عن بُعد في اللغات من معاهد معترف بها وتمنح شهادات لأقبل عليها المحتاجون للتعلم، فهل نواكب العصر بدافع من الجائحة؟