مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

«كورونا» والمساجد... وتناقضات «الإخواني»

سلسلة المواقف التي اتخذتها الدول المسلمة والعربية بإغلاق المساجد للوقاية من انتشار مرض كورونا، وآخرها السعودية التي تمّثل الثقل الإسلامي الأهم، تأسيساً على فتاوى من رجال الفتوى الدينية... أثارت الارتياح لدى غالبية الناس والعقلاء، لكنَّها في الوقت نفسه كانت فرصة لرصد مظاهر المزايدات المألوفة من أتباع التيار الإخواني وشبه الإخواني.
الكويت كانت مبكّرة في اتخاذ هذه الخطوة بغلق المساجد، والاكتفاء بالصلاة في البيوت، والكويت أيضا تشتهر بمناخها السياسي المثير، ولجماعة الإخوان، وما تفرع عن الإخوان (ما أكثرهم!)، حضور كبير فيها، وخارجها أيضاً من لاجئي تركيا الإردوغانية.
ثمة شخص اسمه حاكم المطيري، وهو من أنشط المتطرفين الكويتيين لجماعات الإسلام السياسي، ويرى في نفسه منظّراً كبيراً، ويحظى بدعم قطر وتركيا طبعاً، سارع بالهجوم على قرار الكويت الاحترازي بغلق المساجد توقّياً من كورونا.
قال حاكم على حسابه في «تويتر» مهاجما الإجراء الكويتي، وربما لو صدر الإجراء السعودي حينه لآثره في الهجوم! قال: «إغلاق المساجد ومنع المصلين منها في أوقات الصلوات، محرم بالنص والإجماع لقوله ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وأن المساجد لله فليس للدول عليها ولاية».
وتابع مهيّجاً ومحرّضاً: «ليس للجنة الفتوى أن تفتي بعدم وجوب صلاة الجمعة، بسبب الخوف من الوباء، وليس لها أن تفتي بعدم جواز الاستجابة للأمر القرآني إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله».
لكنَّه غاص في مياه الصمت حين اتخذت السلطات التركية الإجراء نفسه، بعدما قال رئيس إدارة الشؤون الدينية التركية (علي إرباس) إن تركيا علقّت صلاة الجماعة في المساجد إلى أن ينحسر خطر فيروس كورونا. وكذلك الموقف القطري المشابه، علماً بأن قطر حتى اليوم، رغم قلة سكانها وصغر مساحتها، هي أكثر الأرقام سوءا، في سجل الكورونا، حمى الله شعب قطر ومن يقيم فيها، وكل البشر، من العلل والأمراض.
هذه الواقعة، واقعة تناقض المنّظر الكويتي الأصولي السياسي، الدكتور حاكم المطيري، تكشف عن سلوك قديم جديد، في آلة الدعاية الإخوانية ومتفرعاتها، في الانتقائية والتحريض في مكان والتهدئة في مكان آخر، حسبما يأمرهم الهوى ومصالح «الجماعة».
كل إعلام قطر، المباشر منه وغير المباشر، وكذلك منصّات الإخوان العالمية، والسرورية، ولنقل «الحاكمية» نسبة لفكرة الحاكمية القطبية، وليس لحاكم المطيري، منتج لهذا السلوك ومرّوج له منذ سنين وسنين.
حاكم... حالة شائعة، وليس شخصاً واحداً، لكن يبدو أن زخم الأحداث وسرعة التحولات، ضيّقا هامش التشويش والتهييج عليهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد.