زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

قصة مومياء الرجل المجهول

ظلت هذه المومياء بالمتحف المصري لا يعرف عنها أحد، ولكن تم تسجيل هذه المومياء بالمتحف المصري باسم مومياء الرجل المجهول. وهذه المومياء تخص شاباً صغيراً يبلغ من العمر نحو 18 عاماً ولم يتم تحنيطه، وقد تم لفه بجلد الماعز. ومن المعروف أن جلد الماعز كان من الأشياء القذرة عند الفراعنة. ونعرف ذلك من خلال القصة المعروفة باسم قصة سنوحي، وهو المصري الذي هرب إلى سوريا، وهناك أصبح زعيماً ولكن عندما قرب موته طلب أن يدفن في مصر.
واعتقد البعض أن مومياء الرجل المجهول هي مومياء تخص شاباً ليس مصرياً وهو ابن ملك الحيثيين. أما قصته، فتعود إلى الملكة عنخ - إس - إن - آمون، زوجة الملك توت عنخ آمون. وبعد موت الملك، أرسلت خطاباً إلى ملك الحيثيين تطلب منه أن تتزوج ابنه. ولم يصدق ذلك الملك؛ لأن الملك المصري كان يحق له الزواج من أجنبيات، ولكن لا يمكن لملكة مصرية أن تتزوج من أجنبي؛ لذلك فقد أرسل رسولاً إلى مصر كي يعرف هل ما أرسلته الملكة صحيح أم لا. وعاد الرسول ليقول لملك الحيثيين إنها فعلاً تريد أن تتزوج من ابنه. ولا نعرف السبب المباشر لقيام الملكة بهذا الطلب، وهل كان السبب هو أن الملك آي الذي حكم بعد موت توت عنخ آمون قد طلب أن يتزوجها وأن الملكة رفضت لكبر سنه؟
وفعلاً قام ملك الحيثيين بإرسال ابنه إلى مصر، لكن القائد المصري العظيم حور محب، الذي كان قائداً للجيش المصري منذ عهد الملك أخناتون، والذي أصبح ملكاً على مصر بعد موت آي، قد قابل الأمير الأجنبي وقتله. وعندما بدأنا المشروع المصري لدراسة المومياوات الملكية قررنا أن نفحص مومياء الملك رمسيس الثالث بالأشعة المقطعية؛ خصوصاً لأن هناك بردية تعرف باسم «بردية الحريم» وفيها محاولة زوجة الملك الثانية التي تدعى تيا وابنها بنتاؤر لقتل الملك؛ كي لا يتولى الحكم رمسيس الرابع ويتولى بنتاؤر حكم مصر.
وفي البردية، تآمر مجموعة من النساء وقادة الجيش لقتل الملك، ولكن لم تُشِر البردية إلى أن الملك قد قُتل. وقد وُضعت المومياء أسفل الأشعة المقطعية. واتضح لنا أن هناك شخصاً جاء من الخلف ومعه سكين حاد وقطع رقبة الملك، وجاء آخر ببلطة وقطع أصبع الملك. وبعد ذلك، قمنا، عن طريق الحمض النووي، بفحص مومياء الرجل المجهول، ووجدنا أن هذه المومياء تخص بنتاؤر ابن الملك رمسيس الثالث والذي تم شنقه طبقاً لما جاء في البردية. وقد وجدنا آثار الشنق حول رقبته؛ لنعلن أن هذه المومياء تخص الابن الذي حاول قتل أبيه منذ ثلاثة آلاف عام ليتم كشف جريمته الغامضة بعد هذه المدة الطويلة.