زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

قصة كشف أثري

لكل كشف أثري أسرار وقصص غريبة ومثيرة، وسوف أقص عليكم قصة كشف أثري مهم عام 2009. فقد قامت البعثة التشيكية التي تعمل في أبو صير بالكشف عن مقبرة كاملة لم تمس إطلاقاً منذ نحو 2500 عام لأن هذه المقبرة ترجع إلى العصر الصاوي، أي نحو 500 قبل الميلاد، وهذه المقبرة لشخص يدعى أيوف - عا وكان يعمل رئيساً للقصر الملكي.
وقد اتصل بي الدكتور ميروسلاف فيرنر المكتشف ليخبرني عن هذا الكشف وذهبت إلى أبو صير، وهناك وجدت أن المقبرة محفورة في باطن الأرض على عمق نحو 20 متراً وداخلها توابيت ضخمة من الغرانيت. وقد عرفت بعد المعاينة أن هذه المقبرة لم تمس منذ أيام الفراعنة. وقد أخبرت فاروق حسني، وزير الثقافة في ذلك الوقت، بهذا الكشف العظيم، وقال الوزير إنه سوف يعقد مؤتمراً صحافياً أثناء الكشف عن هذه المقبرة وخاصة لأن إعلان كشف أثري كامل لم يمس سوف يكون له سحر عالمي كبير.
وبعد أن تحدث معي الوزير فقد تذكرت قصة حدثت مع الأثري المصري زكريا غنيم. فقد قام بالكشف عن هرم أطلق عليه اسم الهرم الناقص، وهذا الهرم كان يخص الملك سخم - خت آخر ملوك الأسرة الثالثة من الدولة القديمة، أي أنه يعود إلى بداية عصر الأهرامات، وهو الهرم الثاني بعد هرم زوسر وأطلق عليه اسم الهرم الناقص لأنه لم يكتمل بعد، وداخل هذا الهرم عثر زكريا غنيم على تابوت من الغرانيت مغلق بالضبة والمفتاح منذ العصر الفرعوني ويعود عمره إلى خمسة آلاف عام.
وجاء الرئيس جمال عبد الناصر وكان ذلك عام 1954 لحضور افتتاح هذا التابوت، وخاصة لأنه ذهب قبل ذلك لحضور كشف مراكب الشمس التي كشفها كمال الملاخ وكانت لفتة من الرئيس أنه حضر كشفاً قام به مصري مسيحي وآخر قام به مصري مسلم. وجاء ناصر ومعه رجال الثورة وبدأ زكريا غنيم في فتح التابوت المغلق أمام الصحافة وللأسف وجد التابوت فارغاً تماماً ولا يوجد داخله أي شيء.
ولذلك ذهبنا إلى أبو صير وبدأنا في فتح توابيت المقبرة ومعنا عمال متخصصون في فتح التوابيت الضخمة، وبدأنا في فتح الغطاء الأول الذي يزن نحو 20 طناً من الغرانيت، وبعد ذلك وجدنا تابوتاً ثانياً داخل الهرم يزن نحو 3 أطنان، وفتحنا التابوت الثاني ووجدنا تابوتاً ثالثاً داخله مومياء جميلة مغطاة بالخرز الأخضر، وقد استغرق ذلك نحو أسبوع وأعدنا كل شيء كما كان وانتظرت فاروق حسني للحضور ومعه الصحافة وفتحنا التوابيت أمام الصحافة مرة ثانية، ولم أخبر الوزير بما حدث، ولكن بعد أن تركنا الوظيفة ونحن نتناول العشاء أخبرت الوزير بالقصة.