مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

ميسّي يقلد الثنيان

تبسمت ولم أضحك أو أقهقه، عندما شاهدت جماهير نادي الهلال الذين ذهبوا إلى اليابان لتشجيع فريقهم، في مباراة النهائي على بطولة أندية آسيا.
أقول إنني تبسمت عندما شاهدت أفراداً من ذلك الجمهور وهم ينظفون ممرات المدرجّات والكراسي التي كانوا يجلسون عليها، ينظفونها من مخلفاتهم ثم يضعونها في صناديق الزبالة.
فلم أتمالك نفسي إلاّ أن أقول في سري: ما شاء الله كيف نزلت علينا أخلاق النظافة فجأة وأصبحنا نطبقها ونحتفي بها، وأتبعتها بهذا الدعاء: اللهم اجعل هذا العمل الحضاري سنّة حسنة، تطبقها جماهير الكرة السعودية، بل والعربية في كل مدرجات ملاعبهم.
ولا أستبعد أن هذه المبادرة من جماهير الهلال حصلت لسببين؛ أولاً: لأنهم شاهدوا الجماهير اليابانية التي حضرت للرياض لتشجيع ناديها تفعل ذلك عند نهاية المباراة رغم هزيمة ناديهم، فأراد الهلاليون أن يقلدوهم، ثانياً: لأن الهلال كان منتصراً، فهم فعلوا ذلك من شدّة فرحتهم، ولكن تخيلوا لو أن الهلال قد هزم، فهل تظنون أنهم سوف يفعلون ذلك؟!
إنني لا أتجنّى على الهلال، فكل الأندية عندي سواء بسواء، وإلاّ بالله عليكم دلوني على جماهير أي نادٍ رياضي في أي بلد عربي تنظف المدرجات بعده، وما أكثر الكراسي التي حطمتها جماهير النادي المهزوم قبل أن تخرج من الملعب.
لقد مضى لي عدّة أعوام لم أحضر أي مباراة في أي ملعب، وكل مشاهداتي هي بالتلفزيون حفاظاً على عدم تلويث سمعي من الكلمات البذيئة التي يصرخ بها بعض المشجعين، ثم يرجمون لاعبي الفريق الخصم بعبوات المياه وكأنهم يرجمون الشياطين.
الأدب والنظافة ثقافة، والسفاهة والقذارة قلّة أدب، والنظافة والأدب يترسخان في وجدان الإنسان منذ الطفولة، وعليكم أن تشاهدوا تلاميذ المدارس الابتدائية اليابانية، وكيف أنهم منذ الصباح مبتسمون يبدأون يومهم بلعب الرياضة، وينهونه بتنظيف مدارسهم.
وقبل عدة سنوات كتبت واقترحت أن يفرض على كل مدرسة أن تخصص ولو حصة واحدة في نهاية كل أسبوع لكي ينظف التلاميذ مدرستهم.
وما إن نشرت ذلك فعيونكم بعدها ما تشوف إلا النور، من كثرة الرسائل والشتائم والتهم التي واجهتني، أقلها: أنت تريد أن يتحول أبناؤنا إلى خدم وزبالين يا (......)!!!
ولكي أرفه عنكم وأخرجكم من هذا الجو قليلاً اسمعوا ما يقوله بصدق أحد الهلاليين:
ميسّي يطبق الحركات التي كان يفعلها الثنيان، كما أن ياسر ما شاء الله مثل بيليه، ولم ينقص إلا أن يقول: اللاعب (فلان) كان يرفع الركنية ويلحق بالكرة قبل أن تسقط على الأرض، ويضربها برأسه ويدخلها بالشبكة.
رحمك الله يا (أبو لمعة).