نبيل عمرو
كاتب وسياسي فلسطيني
TT

ليس مجرد حدث رياضي

على أهمية الرياضة في الربط بين الشعوب والقضايا، إلا أن زيارة المنتخب السعودي إلى فلسطين واللعب مع المنتخب الفلسطيني على أرض الجزء المحرر نسبياً من القدس، والذي يحمل اسماً عزيزاً ذا دلالة، هو ملعب الشهيد ابن الشهيد فيصل الحسيني... هذه الزيارة التاريخية بكل ما للكلمة من معنى، يُنظر إليها من قِبل الفلسطينيين والعالم، على أنها نقلةٌ نوعيةٌ في العلاقات المميزة بين الشعبين السعودي والفلسطيني، بل إنها تطور بالغ الأهمية يُبنى عليه سياسياً بما يعزز المكانة الفلسطينية في الحياة الدولية، ذلك أن التبني السعودي للظاهرة الفلسطينية وهي تواجه أصعب مراحلها، يعدُّ أكثر من نقطة ثمينة توضع في الرصيد الفلسطيني، وتشجع آخرين على مزيد من الإقدام نحو سياسات وأنشطة ومبادرات تدعم الحق الفلسطيني وتحميه من التبدد.
سيحتفي الفلسطينيون بحرارة وبأعلى الدرجات بزيارة المنتخب السعودي، لأنهم وحين يسمعون السلام الملكي السعودي يعزف على أرض القدس، ويرون العلم الأخضر يخفق في سمائها بجوار العلم الفلسطيني، فسيستذكرون حتماً تاريخاً حافلاً من دعم سعودي للفلسطينيين؛ ليس فقط من خلال الأموال التي كانت تصل بانتظام إلى الثورة الفلسطينية وإلى الصندوق القومي الفلسطيني من دون تأخير أو نقصان، أو ما يقدم لموازنة السلطة منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا، والكل يعرف ما تعانيه السلطة الوليدة والمنهكة من حصارات وحروب مالية واقتصادية ليس آخرها ما تواجهه الآن، وفوق كل ما تقدم فهنالك ما هو أوسع وأعمق... فللفلسطينيين حصة مميزة في مواسم الحج، ولهم كذلك أولوية في الاستثمار أينما وجدت استثمارات المملكة في داخلها أو خارجها، ولهم كذلك ملايين المرتبات الشهرية التي تضخ قدرات صمود للشعب الفلسطيني فوق أرضه، ولهم ما هو أهم من ذلك؛ ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للعالم بأسره وللأميركيين تخصيصاً: «نقبلُ ما يقبل به الفلسطينيون، ونرفضُ ما يرفضون».
وهذا هو ما يحتاجه الفلسطينيون في مرحلة من أهم مراحل حربهم من أجل البقاء، حيث مشاريع التصفية تطل بأكثر من وجه ومن أكثر من مكان.
الفلسطينيون بكل أطيافهم؛ وما أكثرها وما أعمق الاختلاف بينها، يتّحدون على احترام المملكة والاحتفاء بممثليها الرياضيين على أرضهم، ويملأهم تطلع وثقة بدوام الحضور السعودي بكل أشكاله ومستوياته على أرض فلسطين وبين أهلها، ذلك أن السعودي وشقيقه الخليجي والعربي عندما يأتون إلى فلسطين متجاوزين إجراءات الأمر الواقع التي يفرضها المحتلون، فإنهم يأتون للأرض التي يحبون، ولشعبها الذي يرعون، ولمقدساتها التي يقدسون.
فأهلاً بالمنتخب السعودي في رحاب القدس وفلسطين، وعلى أرض فيصل الحسيني، أهلاً بالمملكة في ضيافة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، ففي المباراة التي ستقام غداً لن يهمنا من الذي سيسجل أهدافاً أكثر من الآخر، ففي كل الحالات ومهما كانت النتيجة؛ فالفلسطينيون هم الفائزون.