مهرة سعيد المهيري
TT

السعودية والإمارات... معاً لتحرير اليمن

تقف الحرب في اليمن على مفترق طرق مهم. فالتحالف الذي تقوده السعودية انطلق في مواجهة تهديد استراتيجي كبير للمنطقة من حافاتها الجنوبية. واُستهدفت السعودية، العمود الذي يستند إليه الأمن في منطقة الخليج، من قبل إيران ومن قبل ميليشياتها الحوثية. استفاد الحوثيون من خلخلة في الأمن والسلطات في اليمن تسببت بها جماعة «الإخوان» بوجهها حزب الإصلاح اليمني، وأوصلت الحال إلى فتح الباب للمشروع الإيراني لكي يجتاح البلد ويبدأ في التخطيط لفرض واقع جديد على المنطقة.
هبت الإمارات استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وقبل أن يستكمل الحوثيون سيطرتهم على بقية اليمن، كانت القوات السعودية والإماراتية وعدد من الحلفاء الآخرين قد أوقفت تقدمهم وحرمتهم من نشوة النصر.
اليمنيون كانوا جزءاً أساسياً من الجهد العسكري الذي قاده التحالف. وفرضت الطبيعة الجغرافية والتركيبات السكانية والقبلية أنواعاً مختلفة من التحالفات. وبنظرة سريعة على مسارح العمليات نرى أن الانتشار السعودي كان في شمال اليمن، حيث مركز ثقل الحوثي، بينما تحركت القوات الإماراتية في المناطق الجنوبية والشرق لتستثمر في حلفاء يمنيين كانوا القوة الرئيسية التي اندفعت لتحرير الساحل الغربي وصولاً عند عقدة ميناء الحديدة الاستراتيجية. خاض الحليفان الرئيسيان معاركهما سوية، وأبليا بلاءً بطولياً أمام عدو متمرس في طبيعة يعرفها جيداً.
في جانب مهم من الوجود السعودي والإماراتي في الساحة اليمنية كانت التحالفات مع القوى المحلية. استثمر الحليفان في تدريب وتجهيز قوات مختلفة، في جانب منها كانت القوات المسلحة التابعة للشرعية. ومع مرور الوقت صارت العمليات القتالية تتم وعمادها هذه القوات. التوزيعات القبلية والسياسية والجغرافية في اليمن لم تكن اختراعاً سعودياً أو إماراتياً، وقائمة القوى اليوم وتشكيلاتها السياسية والعسكرية المختلفة تعكس حقائق كانت موجودة أصلاً على الأرض.
من هذه الحقائق أشياء صارت اليوم مسبباً لتسلل أصحاب المكائد. هناك قائمة من المشاكل بين الأطراف المختلفة وقد عجزوا لحد اليوم عن فرضها على أطراف التحالف. لكنهم يسعون إلى خلق الإيحاء بأن ثمة خلافات داخل الحليفين الرئيسيين السعودية والإمارات. لن نقول جديداً إذا أشرنا إلى ارتباطات هذه الأطراف بمشاريع إقليمية.
بعد سنوات الحرب الطويلة، ينظر الحليفان الرئيسيان ليقدرا بمن استثمرا وما هي عوائد هذه الاستثمارات السياسية والعسكرية. ثمة مناطق تم تحريرها بالكامل من الحوثي ومناطق ثانية يحاول الحوثي إعادة اختراقها بشكل شبه يومي منتظراً الفرصة. لكن مناطق أخرى يسودها الجمود وتثار علامات الشك حول القوى التي هي نظرياً مسؤولة عن تحريرها. هذه القوى نفسها التي سكتت عن الحوثي وسخرت كل إمكانياتها الإعلامية ولسانها السياسي لمهاجمة التحالف مرة والإمارات مرات. ما بدأ باطنياً، صار اليوم علنياً.
تقديم الأمر على أن هؤلاء حلفاء السعودية وأولئك حلفاء الإمارات يشوش على الصورة الأهم وهي أن الرياض وأبوظبي لا تعملان لكسب الحلفاء على الأرض أو شراء الولاءات، ولكن إلى استرجاع الشعب اليمني حقوقه التي سلبت على يد الحوثي وعلى يد المفسدين. الإمارات لا تسمح لأحد أن يمس بلسان أو فعل مقام السعودية كقائد للمنطقة.
هؤلاء المتهمون بالانفصالية هم اليوم حراس الحرف الجنوبي لمنطقة الخليج ضد التمدد الإيراني الحوثي وضد الإرهاب. هل نستطيع أن نقول نفس الشيء عن القوى التي زرعت الفتنة من قبل وها هي تكرر الفعل نفسه، بسبق وترصد؟

- كاتبة إماراتية