ماركوس آشوورث
كاتب من خدمة «بلومبيرغ»
TT

الليرة التركية والأزمات السياسية

يحاول البنك المركزي التركي، من جديد، دعم الليرة. ومن غير المحتمل أن تفلح جهوده الأخيرة في تخفيف وطأة الألم الاقتصادي الذي تعانيه البلاد جراء تحول الليرة إلى أسوأ عملة داخل الأسواق الناشئة، من حيث الأداء خلال الربع الحالي من العام.
كان البنك المركزي التركي قد حاول، الخميس الماضي، رفع معدلات الفائدة عبر باب خلفي، وذلك بتجميده مزادات استرداد الملكية، ما يزيد تكلفة اقتراض المال من البنك المركزي أمام جهات الإقراض التجارية.
إلا أن التجار الذين فوجئوا بهذا الأمر عندما خاض البنك المناورة ذاتها قبيل الانتخابات البلدية التي عقدت في 31 مارس (آذار)، كانوا مستعدين هذه المرة، ونجحوا بصورة كبيرة في تغطية احتياجاتهم التمويلية. ويفسر ذلك المكاسب الطفيفة التي حصلت عليها الليرة، الخميس. وبحلول الساعات الأولى بعد الظهيرة، ارتفعت العملة بمقدار 0.8 في المائة فقط في مواجهة الدولار.
يذكر أن المزادات اليومية لأموال الأسبوع الواحد تشكل السبيل الرئيسي أمام البنك المركزي لإمداد النظام المالي بالسيولة. ومن خلال وقفها، يخاطر صانعو السياسات بدفع تكاليف الاقتراض على المدى القصير نحو ارتفاع شديد مع تسابق البنوك على ضمان التمويل.
وكان هذا بالضبط ما حدث الشهر الماضي، عندما تفاقمت معدلات الفائدة أثناء الليل بمقدار 1.300 في المائة في لحظة ما. وبعد ذلك، وجد البنك المركزي نفسه مضطراً لاستئناف المناقصات لاستعادة النظام. وإذا لم يفعل ذلك مجدداً بحلول نهاية الأسبوع، يكاد يكون في حكم المؤكد أن المعدلات ستتحرك من جديد نحو الارتفاع الشديد.
المؤكد أن الضغط على أسواق المال ليس السبيل المناسب لاستعادة الثقة في نظام مالي يرزح بالفعل تحت وطأة الفوضى السياسية التي تعتمل في البلاد. والمؤكد أن الخاسر الرئيسي العملة، الأمر الذي سيزيد تقويض جاذبية تركيا أمام المستثمرين.
في أبريل (نيسان)، جاء التأثير على العملة مقتصراً على فترة نشاط لمدة أسبوعين، بعدها ضاعت جميع المكاسب وأكثر عنها. ومن غير المحتمل أن يكون الوضع هذه المرة مختلفاً، خصوصاً وأن السيولة لم تعد بعد إلى الأسواق التركية، ويبدو المستثمرون متشككين في إمكانية إقدام الحكومة على منع البنوك - مثلما فعلت الشهر الماضي - من عرض أي صورة من صور السيولة على عملاء غير محليين، ما يعني فعلياً محاصرة ممتلكات المستثمرين الأجانب.
وإذا كان البنك المركزي يرغب في ترك تأثير حقيقي على الليرة، فإنه بحاجة إلى رفع معدله الأساسي، وإظهار استعداده للتعامل مع التضخم الذي يضرب البلاد، وخرج عن حدود السيطرة. إلا أن هذا الأمر يبدو من غير المحتمل، على الأقل في الوقت الراهن. الشهر الماضي، ألغت لجنة السياسة النقدية البند الذي يوجب رفع معدلات الفائدة من جديد. وخلال مؤتمر صحافي عقد في 30 أبريل الماضي، وجد محافظ البنك مراد جيتين كايا، نفسه مضطراً إلى الإصرار على إمكانية رفع المعدلات مرة أخرى.
ويوحي الضعف الذي أصيبت به العملة لاحقاً بأن المستثمرين كان لهم رأي مختلف. وحتى يتوقف صانعو السياسات عن التدخل في أسواق المال، والشروع في رفع المعدلات الأساسية، تبدو الليرة في طريقها نحو مزيد من السقوط باتجاه الهوة التي بلغتها في خضم الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد العام الماضي.

- بالاتفاق مع «بلومبرغ»