علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

ليه لا؟

دارت بيني وبين القارئ الكريم خالد السند رسائل «واتسابية»، إن صحت التسمية، واقترح علي أن أكتب موضوعاً مهماً، ولا سيما أننا في رمضان، ويتلخص الموضوع في إنشاء صندوق خيري يخص جنود الوطن المرابطين في الثغور. واقترح أن يكون إيراد الصندوق من الزكاة، وأنا أضفت ومن المتبرعين مهما قلت تبرعاتهم، حتى ولو بريال واحد، وهو ما يعادل نحو 22 سنتاً أميركياً.
ولم يتحدث معي عن مصارف هذا الصندوق الذي اقترح أن يكون استثمارياً وتوزع أرباحه توزيعاً مشروطاً على ذوي الجنود؛ فمثلاً نساعد ابن الشهيد الذي يريد أن يبدأ مشروعاً ونتكفل بتعليم ابن الشهيد الجامعي، لا سيما إذا كان تخصصه نوعياً، وما المانع من معالجة مريض من أسر الجنود لا تشمله أنظمة التأمين، وأقصد هنا العلاج خارج السعودية، أما داخل السعودية فقد تكفلت المستشفيات العسكرية بذلك. ولا يمنع هذا من مساعدة الأسر في الحالات الإنسانية التي لا تغطيها مساعدات الحكومة الاجتماعية.
ويمكن حصر حالات معينة ومحددة يغطيها الصندوق، مع إطلاق يد مجلس إدارة الصندوق لإضافة حالات جديدة قد يرون تغطيتها. بدا صديقي متحمساً في بداية طرح الموضوع، مشيراً إلى أن هؤلاء الجنود إنما يدافعون عنا، وإذا كان الصندوق المقترح إنشاؤه موارده من الزكاة والتبرعات فإنه سيجد مورداً لا ينضب.
لكن صديقي بدا متحفظاً في الأخير، فأوضحت له أن هذا الأمر ليس بدعاً بل كان الناس يقومون به منذ أكثر من ألف سنة، فقد كان من يملك المال ويتكفل بعدد من الفرسان ويشتري لهم الخيل والسلاح، ويصرف على أسرهم مدة غيابهم، فإن عادوا سالمين غانمين فالحمد لله، أما إذا استشهد الفارس فإن التاجر يتكفل بالصرف على أسرة الشهيد.
وتحكي رواية تاريخية أن الخليفة السفاح قال لأحد المجربين في مجلسه: حدثني عن أعجب ما رأيت، فقال له المعمر مما سمعت أم مما شهدت؟، فقال الخليفة: بل مما شهدت، فقال المعمر: حضرت قسمة إرث الخليفة سليمان بن عبد الملك، فورث كل ابن ألف ألف دينار، أي مليون دينار غير الضياع والمراكب، وحضرت قسمة إرث الخليفة عمر بن عبد العزيز، فكان نصيب الابن ديناراً. وعشت يا أمير المؤمنين حتى رأيت أبناء عمر بن العزيز الواحد منهم يجهز مائة فارس، وعشت حتى رأيت أبناء سليمان بن عبد الملك يغشون مجالس الخلفاء يستجدونهم.
وأنا أضيف لاقتراح صديقي لو أن مثل هذا الصندوق أنشئ في كل بلد عربي ليغطي الحالات التي تعجز النظم عن تغطيتها.