مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

يا ليتني عرفت أمي

أفادت وكالة أنباء الصين بأن 88 في المائة من الأهل يقضون ما معدله 23 دقيقة يومياً يقرأون لأطفالهم الكتب.
وتقول دكتورة في علم نفس الأطفال إن القراءة المشتركة تعزز وتنمي لغة الطفل، وتوسع مداركه، وتقوي الترابط بينه وبين والديه. انتهى.
غير أنني بعد أن شاهدت برنامجاً يعرض في قناة «دجلة» الفضائية، عن حادثة صادمة لامرأة عراقية مسنّة تجلس على الرصيف، بدأت أشك في كلام الدكتورة، وذلك عندما سأل مقدم البرنامج «أم جبار» - وهذا هو اسمها - عن سبب جلوسها هناك؟! قالت وهي تذرف الدموع؛ لقد ضربني ابني وحلق رأسي ورفسني في صدري وبطني وخبط رأسي بالجدار، ثم سحبني من كراعيني ورماني بالشارع، وذلك لكي يرضي زوجته.
وأضافت؛ وأنا التي كنت أسهر عليه، وعلمته كيف يقرأ ويكتب «أ ب ت ث» قبل أن يدخل المدرسة، وكنت أشتري له قصص وكتب الأطفال، وأقرأها عليه كل ليلة، قبل أن ينام، ثم أسمي عليه وأقبله قبل أن أطفئ النور.
وبكى معها مقدم البرنامج وهو يسمعها، وكانت النهاية أن أدخلوها دار العجزة لتعيش هناك.
وهذا هو ما يفعله للأسف بعض الشواذ من الأبناء العاقّين مع أمهاتهم، اللواتي حملنهم وهناً على وهن، وهذا الابن الجبار الذي له من اسمه نصيب الأسد، ليس بمقياس، فما أكثر الأبناء الذين يقبلون أيادي وأقدام أمهاتهم، ويفرشون لهن جناح الذل من الرحمة.
يا ليتني عرفت أمي وقبّلتها في حياتي ولو قبلة واحدة...
***
يوم السبت الماضي تطرقت للتعميم الصادر من وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية، ما يختص بالسيطرة على ميكرفونات المساجد، التي تنتقل أصواتها للخارج بدرجات عالية جداً، ولا أقول مزعجة.
ووجدتْ ملاحظتي تلك تقبلاً من البعض، وهجوماً كاسحاً من الآخرين، وكأنني قد اقترفت إثماً، رغم أنني أسير على خطى المسؤولين، وها هو معالي الوزير صرح قبل أيام بالتالي...
أقول لإخواننا المؤذنين والأئمة، ارفقوا على من يصلي عندكم، وارفقوا على المجاورين لكم، بخفض الأصوات التي تضر الناس. انتهى.
كما أن ضوابط الوزارة تضمنت منع مكبرات الصوت الخارجية في صلاة التراويح والقيام بالمساجد. مع وقف التنفيذ للأسف!
ولكي أبعد عن نفسي الشبهة، ها أنا ذا أفسح المجال لغيري بكل ديمقراطية، فيقول مؤيدو إبقاء مكبرات الصوت في المساجد؛ نريدها تصدح، لكي تضفي خصوصية على الشهر المخصص للعبادة، فيما يرى المعارضون أن الأصوات التي تصدر من المساجد غير مفهومة، وتتداخل مع مساجد مجاورة، وتتسبب بإزعاجهم في أوقات الراحة التي يقضونها بعد يوم صيام طويل. انتهى.
وهذا ما يثبت لكم أنني محايد، ولست جباناً.