مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

مصر وملفات المنطقة الساخنة

تغيرت السياسة الأميركية ومواقفها تجاه «الإخوان المسلمين»، ففي المشهد الجديد يثير الرئيس دونالد ترمب باستمرار إمكانية إعلان جماعة «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً، ويبدو أن كثيرين في أنحاء العالم يدعمون هذا القرار، وسيجد له أصداء واسعة في المنطقة، ولكننا اليوم بصدد زيارة ذات أهمية قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة في فضاء مشترك مفعم بالتفاهم.
في هذا المسعى، ناقش الرئيسان عدة ملفات، أهمها مكافحة الإرهاب والتوترات في الشرق الأوسط والأمن والإصلاح الاقتصادي، ولا سيما الملف الإيراني الذي أُخذ بعين الاعتبار، وخاصة بعد العقوبات المتتالية وإدراج «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب، ما يؤدي إلى فرض حظر جنائي على توفير الدعم المادي أو الموارد إلى المنظمة المصنفة. فهل ستلاحق واشنطن قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني كملاحقة زعيم «القاعدة» وزعيم تنظيم «داعش»؟ سؤال يكرره المحللون والمهتمون بالشأن السياسي والصحافيون.
في هذا الجانب، ردّ المبعوث الأميركي على هذا السؤال قائلاً: «رفعنا مؤخراً السرية عن معلومات حول 608 جنود أميركيين قتلوا على أيدي النظام الإيراني و(الحرس الثوري) إبان الحرب في العراق»، وشدد هوك على أن أيدي سليماني والقوة التي يقودها «ملطخة بدماء أميركيين».
لا شك أن جرائم «الحرس الثوري» في العراق وسوريا ولبنان واليمن أكبر من إحصائية أميركا، حيث عزمت واشنطن على وضع العقوبات على إيران ونظامها وتصنيف حرسها الثوري على قائمة الإرهاب، وهذا ستكون له نتائج إيجابية، ومرحب بهذا القرار على نطاق واسع، باستثناء تركيا وقطر، اللتين انتقدتا قرار ترمب حول «الحرس الثوري» الإيراني، ووصفه وزير خارجية قطر بالقرار الهزيل.
ورغم كل التغييرات في العالم، فهناك أسباب وجيهة تدفعنا إلى التفاؤل حول مستقبل العلاقات بين واشنطن والقاهرة، والاتفاق على الخطوط العريضة، ومنها استقرار المنطقة وقضايا التسليح، ويدل على مؤشر أساسي بضرورة التعاون في مكافحة الإرهاب وإيقاف نشاط نظام طهران الإرهابي.
في جميع الأحوال، فإن إمكانية الفصل في مكافحة الإرهاب توحد الجهود السياسية الدولية، وتحقق ترتيباً أمنياً مشتركاً مع أميركا. وفي هذه السياق، قال ترمب، بحضور السيسي في المكتب البيضاوي: «أعتقد أنه يقوم بعمل عظيم». من خلال الجهود التي تبذلها مصر في مكافحة الإرهاب، وأصبحت المهام قريبة المدى في كيفية إنجازها والتعامل معها على نحو آمن ومستقر.
ينطبق المبدأ نفسه على مهمة مصر في واشنطن، وهي استقرار المنطقة، وإدراك حجم خطر إيران وعدوانيتها تجاه جيرانها، حيث يجري التعامل معها من منظور ميزان القوى، بهذا يكون الترابط واضحاً لجميع الملفات، بما فيها النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، والأهمية لهذه الملفات تعكس الترتيب المذكور.
ويضاف إلى ذلك شراء القاهرة - ومناقشة هذا الأمر - طائرات «سوخوي إس يو - 35 إس»، والتعديلات المقترحة في الدستور المصري، والتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية حول الالتزام بالمبادئ والقيم المشتركة، المتمثلة في الحكم الديمقراطي.
ولكن توقف في المقام الأول عمق الشراكة بين واشنطن والقاهرة، ويأتي من خلال العلاقات السياسية في عهد ترمب حيث تلقى اللقاء الثناء بين الرئيسين، بهذا يكون الترابط والاستراتيجية واضحة، ولو أنها تشير إلى شروط لبعض القضايا والمواضيع الرئيسية.