مها عقيل
TT

المرأة والانتخابات

تنطلق اليوم الأحد، 5 ربيع الأول 1435 الموافق 5 يناير 2014، انتخابات مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة في جدة في دورته الـ21. وقد بلغ عدد المرشحين 43 من فئة التجار، منهم ثمانية نساء، يتنافسون على ستة مقاعد، ومن فئة الصناع ثمانية مرشحين يتنافسون أيضا على ستة مقاعد. ويلاحظ قلة عدد المرشحين عن فئة الصناع، وهو ما يتكرر في كل دورة، رغم تساوي عدد مقاعد المجلس بين التجار والصناع. ويلاحظ كذلك غياب المرأة تماماً من قائمة المرشحين عن فئة الصناع على الرغم من أن د. لمى السليمان والتي كانت المرأة الوحيدة بين المرشحين من فئة الصناع في الدورة الماضية عام 2009، وحصلت على ثاني أكبر نسبة أصوات مما أهلها لتكون أحد نائبي رئيس مجلس الادارة. ولا أدري ما سبب عزوف سيدات الأعمال عن العمل في مجال الصناعة، وهل ذلك بسبب العقبات والاجراءات في الحصول على التراخيص اللازمة أو في مباشرة عملها وادارة المصنع بدون تدخل وفرض وجود الرجل، ليقوم بذلك
ومن المتوقع أن تفوز السيدات بمقعدين، لأن المرشحات يتميزن بالقوة والخبرة ولديهن المقدرة على المنافسة وقد أثبتن جدارتهن في ادارة أعمالهن. فالسيدة فاتن بندقجي، على سبيل المثال، وهي إحدى المرشحات قد فازت عام 1998 في انتخابات اللجان العمالية، وكانت من اوائل السيدات اللاتي عملن في قسم تمكين المرأة في الغرفة وأحد المؤسسات لـ"مبادرة بلدي" التي تسعى لتفعيل دور المرأة في المجالس البلدية وتأهيل المرأة لخوض تجربة انتخابات المجالس البلدية الثانية عام 2015، وقد سبق أن رشحت نفسها في الانتخابات الأولى عام 2004 - 2005 ولكن وزارة الشؤون البلدية والقروية قررت عدم السماح للمرأة بالمنافسة في تلك المرة ووعدتهن بالمشاركة في المرة الثانية.
أتمنى أن لا يخيب أملنا وأن يستمر وجود المرأة في مجلس ادارة غرفة جدة وفي جميع أماكن صنع القرار، ليس لأنها امرأة، ولكن لأنها نصف المجتمع ولها الحق والقدرة على أن تمثل نفسها وتخدم مجتمعها في الدوائر الرسمية وغير الرسمية.
واستغرب من الذين يقللون من دور المرأة وأهميته في التنمية والعمل. والموضوع ليس منافسة المرأة للرجل، ولكن مشاركته، ولا يمكن لمجتمع أن يتقدم ويتطور اذا كان نصفه معطلا ومهمشا، ولا يستفاد من قدراته وطاقاته.
وغرفة جدة كانت لها الريادة في السماح للمرأة عام 2005 بخوض الانتخابات لأول مرة، بعد أن اعترضت النساء على اقتصار مشاركتهن كناخبات فقط وليس كمرشحات، وجرى تأجيل موعد الانتخابات لفسح الطريق امامهن للترشح ونتج عن تلك التجربة المهمة فوز امرأتين، وتعيين امرأتين أخريين. وقد اثبتت الأربع سيدات جدارتهن وكفاءتهن وقدرتهن على المشاركة الفعالة في اتخاذ القرارات والمبادرات، والاسهام بحيوية في نشاطات الغرفة، كما أثبتت بعد ذلك أيضا السيدات اللاتي كنّ في مجلس ادارة الغرفة منذ 2009 جديتهن في العمل والعطاء.
وقد شجع خوض النساء تجربة الانتخابات والفوز والعمل في اطار مؤسسي جنبا الى جنب مع الرجل، رغبة النساء في المشاركة أكثر في اعمال الغرفة، ويظهر ذلك في وجودهن في جميع اللجان وترأسهن لبعضها، كما يظهر في عدد الناخبات الذين زاد عددهن في الدورة الماضية مقارنة بالدورة التي قبلها اذ تجاوز عددهن 160، بعد أن كان العدد لا يتجاوز 90 ناخبة. وفي الدورة الماضية كان مخصصا للنساء يوم واحد فقط للتصويت وثلاثة للرجال، بينما هذا العام هناك يومان لانتخابات النساء وثلاثة للرجال. ولكن تظل إشكالية فصل المرشحات عن المرشحين ومنعهن من الحضور في قاعة الانتخابات أيام انتخابات الرجال، كما حصل الدورة الماضية، رغم وجودهن في مجلس الغرفة وهو تناقض واضح، ولكن يعتقد البعض بأنه سيسمح للنساء بالحضور هذه المرة. وكل ذلك يؤشر الى مدى وعي المرأة بحقوقها ورغبتها في ان تكون عنصرا فاعلا في عجلة تنمية الوطن. وأتمنى أن يستمر هذا الدعم للمرأة.