علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

فقط ننتظر

حينما بدأ بعض بلداننا العربية التي لم يمر عليها الربيع العربي، أو قُلْ الخريف العربي، الذي أصاب البلدان التي مر عليها بالخراب والدمار، بوضع رؤى استراتيجية تصل إلى 2030 خرج علينا الكثيرون يشككون بهذه الرؤى وأنها مجرد أحلام أو آمال يبيعها السياسيون للعامة. وكان الساسة يؤكدون أنهم سيصلون إلى مبتغاهم ولكن يجب علينا أن ننتظر لأن هذه الرؤى لا يمكن أن تنفَّذ في يوم وليلة، وبالفعل بدأنا نراقب تحرك هذه الرؤى التي وقبل كل شيء تحتاج إلى كادر بشري مؤهَّل ينفّذها، وهذا الكادر البشري يجب أن تتوفر فيه شروط محددة: أولها التعليم، وثانيها توفُّر مهارة اللغة الإنجليزية، وثالثها توفُّر المعرفة بالحاسب الآلي، أي أنها باختصار تحتاج إلى الشباب لا إلى العواجيز.
في السعودية أُعلن الأسبوع الماضي عن مشاريع بقيمة 1.6 تريليون (426.6 مليار دولار أميركي)، وتشمل مناشط متعددة أهمها الصناعات والقطاع اللوجيستي المكمل للصناعة كالنقل مثلاً، وهذه بشائر الرؤية السعودية 2030. ومما يؤخذ على ما أُعلن في السعودية الأسبوع الماضي أن بعض الوزراء رصوا أرقاماً قديمة وحديثة فقط ليكبّروا إنجازاتهم معتمدين في ذلك على ذاكرة المواطن المثقوبة وتناسوا أن قطاع الأعمال يحظى بالأذكياء الذين يتتبعون المشاريع تتبع الظامئ إلى الماء في الصحراء، مما جعل بعض الوزراء يستدرك ويذكر أن بعضاً من هذه المشاريع سبق أُن أعلن عنه، ولعل الوزير العمودي وزير النقل السعودي، كان الأكثر وضوحاً حينما أعلن أن طول سكك النقل سيبلغ 9200 كيلومتر نُفِّذ منها حتى الآن 4200 كيلومتر وسينفَّذ في الوقت الراهن 2000 كيلومتر أما الباقي فسينفَّذ في ما بعد.
هذا على الصعيد السعودي، أما على الصعيد العماني فقد أعلنت مسقط أنها ستنفِّذ رؤية استراتيجية حتى 2040 وأنها ستستمزج آراء المعنيين في كل قطاع حتى تبلور الرؤية ويكون المعنيون الذين تمسهم هذه الرؤية مشاركين في بناء الرؤية، وهو أمر قد فعلته السعودية من قبل. وفي الحقيقة فإن هذا سيسخِّر الجميع لخدمة الرؤية العمانية لأن الناس ستعتبر نفسها شريكة في تنفيذ الرؤية.
وفي السعودية مع أهمية المشاريع التنموية فإنني قد رأيت أن هناك تطوراً في العنصر البشري الذي يستقطب أمهر الشباب لخدمة الرؤية، وهذا في رأيي هو المكسب الحقيقي للسعودية، إذ إنها استطاعت أن تنتج جيلاً يتواكب مع متطلبات العصر.