علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الفشل حتمي

تابعت باهتمام مؤتمر بيروت العربي وهو معني بالاقتصاد والتنمية، وبالنسبة لي فإن هذا واحد من الأهداف التي كنت أرجو أن تتحقق بمعنى أن نحاول قدر الإمكان خلق مصالح مشتركة بين شعوبنا العربية، حيث يصعب على السياسيين تجاوزها حينما يعتزمون اتخاذ أي قرار.
فحينما تترابط مصالح الشعوب، فإن السياسي سيتردد حينما يفكر في أن يتخذ قرارا تجاه دولة عربية؛ نظرا لأن مصالح شعبه ستكون في هذه الدولة مما يخيف الحاكم من أن يقوم الشعب بالاعتراض على قراراته. وللأسف جاء مؤتمر بيروت محكوما عليه بالفشل مسبقا؛ نظرا لأن الأرضية السياسية غير متوافرة فإذا عدم الأمن والإرادة السياسية فلن يكون هناك عمل تنموي ينفع الشعوب، وعالمنا العربي في هذه المرحلة المتناحرة، وهذا يجعل كل تنمية مشتركة تتوقف. وقد بدأت إشارات الفشل قبل انطلاق المؤتمر للأسف، فقد أحرق العلم الليبي وانخفض التمثيل الدبلوماسي الحاضر للمؤتمر مما يعني أن الدول العربية كانت تمسك بشعرة معاوية. فلا هي راغبة في حضور فاعل يخدم المؤتمر والشعوب ولا تستطيع أيضا أن ترفض الحضور في هذا التجمع العربي فتُقْطَع هذه الشعرة، لذا أتى التمثيل فيما دون القادة.
ورغم ذلك، وكالعادة، فمؤتمراتنا العربية جعجعتها أكثر من طحينها فقد تضمن جدول أعمال المؤتمر 17 بندا كلها ذات أهمية عالية لو طبق ربعها لأصبحت شعوب المنطقة في رفاهية، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد طالب المؤتمر بتنشيط التجارة العربية البينية وخلق مناطق تجارة حرة، وربط كهربائي، إلى غير ذلك. والمؤتمرون أنفسهم يعرفون أن مثل هذه الأفكار لا يمكن أن تطبق في عالمنا العربي لأنها تفتقر للغطاء السياسي. وللحقيقة فإن هذا الجدول مكرر ويعاد نشره منذ إنشاء الجامعة العربية حينما كان الاهتمام الاقتصادي والتنموي يأتي في ذيل جدول أعمال القمم السياسية.
الوضع اليوم تغير فبدأنا نعقد قمما اقتصادية وتنموية ولكن المهم ليس ضخامة بنود جدول الأعمال ولكن المهم التنفيذ، وكنت أتمنى على المؤتمرين أن يحاولوا إدراج بنود بسيطة وأفكار اقتصادية وتنموية بسيطة، ولكنها قابلة للتطبيق، فحينما نقتنع بالبسيط ونطبقه فسنخلق نجاحا تراكميا قد يوصلنا إلى آمالنا التي نسعى إليها مثل التوحد الجمركي، والصناعات المشتركة، والاستثمار في التكنولوجيا، والاستثمار المشترك في التقنية، إلى غير ذلك.
وهذا أفضل من أن تتناول جداول أعمال مؤتمراتنا بنودا عريضة وآمالا ضخمة تذهب أدراج الرياح لصعوبة تطبيقها.