«2013.. كان عاما سيئا لإدارة الرئيس باراك أوباما»، من المؤكد أن هذا ما سيقوله المراقبون في المستقبل عندما يقيِّمون عمل الإدارة الحالية.
الأسباب متعددة وقوية. في هذا العام الذي انقضى يوم أمس، لم يستطع الرئيس الالتزام بخطوطه الحمراء التي اخترقها نظام الأسد مرات كثيرة. بعد الخطاب «التشرشلي» الذي ألقاه وزير الخارجية جون كيري وكرر فيه عبارة «نحن نعرف»، كإدانة، أكثر من أربعين مرة، قرر بعدها الرئيس التراجع وألقى الثقل على كاهل الكونغرس، المشغول بالقضايا والصراعات الداخلية.
في عام 2013، شهد البرنامج الصحي للتأمين تخبطا كبيرا أحدث موجة واسعة من النقد والسخرية. وهو أيضا العام الذي كشف عن فضيحة التجسس التي أغضبت الناس وحلفاء أميركا، وكذلك هو العام الذي شهد التراجع الكبير لدور الولايات المتحدة في العالم. لكل هذه الأسباب، انحدرت شعبية أوباما بشكل غير مسبوق إلى 40 في المائة. في الغالب، فإن الرؤساء الذين يصلون إلى هذا النسبة لا يستطيعون الصعود من جديد، خصوصا إذا كانت المسألة تتعلق بالثقة كما حدث مع الرئيس أوباما، الذي يعتقد البعض أنه كذب، أو لم يكن صريحا عندما وعد الأشخاص الذي يملكون تأمينا صحيا بالاحتفاظ به، ولكن الواقع أثبت العكس.
لكن، كل هذا ينتمي للماضي الآن. السؤال الأهم هو: ماذا سيحدث في العام الجديد 2014؟
من المتوقع أن يكون هذا العام مفصليا على المستوى الداخلي، ليس فقط للإدارة ولـ«الحزب الديمقراطي»، بل أيضا للجمهوريين وأنصارهم.
من أهم الأحداث، الانتخابات النصفية التي ستجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. قبل شهرين فقط، كانت الكفة تميل إلى فوز الديمقراطيين بالمزيد من المقاعد داخل مجلس النواب بعد الانتقادات التي طالت الجمهوريين بسبب إغلاقهم الحكومة الفيدرالية. لكن «أوباما كير» قلب المزاج الكامل وأضر بالمعسكر الديمقراطي كثيرا. بحسب استفتاء قام به موقع محطة «سي إن إن»، فإن 49 في المائة من المشتركين في الاستفتاء قالوا إنهم سيصوتون للجمهوريين، بينما قال 42 في المائة إنهم سيصوتون للديمقراطيين. من المرجح أن العزوف عن الديمقراطيين يتواصل، خصوصا أن نجاح مشروع أوباما الصحي سيتطلب وقتا طويلا - هذا إنْ نجح، وسيواجه الكثير من المشاكل الحقيقية والمختلقة من خصومه. الحجة التي يجري ترديدها باستمرار هذه الأيام، هي أن «الحكومة غير قادرة على إدارة المشاريع الضخمة وستقوم بالتدخل في حياة الناس وتحديد خياراتهم الخاصة». سواء كان ذلك صحيحا أو خاطئا، فإن الفشل في تشغيل النظام منحه بعض المشروعية. من المتوقع أن يفوز «الحزب الجمهوري» بمقاعد أكثر في مجلس الشيوخ، وإنْ حصل هذا فإنه سيحدث شللا مبكرا لإدارة أوباما أو سيكون «النهاية الفعلية»، كما أشار أحد الكتاب.
بالنسبة للجمهوريين، فإن هذا العام أيضا شديد الأهمية؛ إذ يعاني الحزب انقسامات عميقة بسبب الهزائم المتكررة في السنوات الأخيرة، وهناك صراع بين قدماء الحزب والعناصر الجديدة الأكثر حيوية ولكن الأكثر تشددا. من المتوقع أن يشهد هذا العام الخروج برؤية جديدة تجمع الأطراف المختلفة، خصوصا أن حظوظ الحزب بالفوز في الانتخابات النصفية، وحتى الرئاسية المقبلة، تبدو مرتفعة الآن أكثر من أي وقت آخر. بسبب تعثر أوباما وحزبه، لمعت أسماء مثل حاكم ولاية نيوجيرسي الجمهوري، كريس كريستي، الذي يبدو يوما بعد آخر أنه الخيار الأقوى للجمهوريين إذا رغبوا في استعادة البيت الأبيض من جديد. لأجل ذلك، يقول الخبراء إنه سوف يجري تمرير التصويت على قانون الهجرة الذي سيمنح ملايين المهاجرين غير الشرعيين الوضع القانوني الملائم. هذا سيعني أن الجمهوريين سينافسون على كسب أصوات الناخبين اللاتين (ذوي الأصول الأميركية اللاتينية) الذين رجحوا كفة أوباما في الانتخابات الأخيرة عندما دعموه بنسبة كبيرة تجاوزت الـ70 في المائة.
من المأمول أن تتغير السياسة الخارجية للإدارة الأميركية في الشرق الأوسط التي تتعرض لانتقادات واسعة بسبب انتشار الفوضى وتزايد عدد الضحايا في سوريا، ولكن يبدو أن ذلك لحد الآن غير وارد، رغم الإلحاح والنداء المستمر لشخصيات مثل السيناتور جون ماكين. في مؤتمره الصحافي الأخير قبل أن يذهب إلى إجازته في هاواي، لم يتطرق الرئيس أوباما إلى الشأن السوري بكلمة واحدة، واستمر هذا الصمت حتى بعدما حدثت المجازر المرعبة الأخيرة في حلب.
هل يكون 2014 عاما غير سعيد لأوباما وللديمقراطيين؟ ربما، لكن لا يمكن لأحد الجزم. لكن هناك شيئا واحدا فقط يمكن الجزم بحدوثه في المشهد السياسي الأميركي، وهو أن عددا من الساسة سيرتكبون فضائح جنسية وستشهر بهم وسائل الإعلام وسيتخلون عن مناصبهم. في العام الماضي، كشفت فضيحة أنتوني وينر للمرة الثانية، وكذلك أسقط عمدة مدينة سان دييغو، بوب فيلنر، بعد أن حطم الرقم القياسي وتحرش بأكثر من 18 امرأة. عندما يتعلق الأمر بالفضائح الجنسية، يصبح السؤال المنطقي، ليس إذا ما كانت ستحدث، بل من سيقوم بها هذه المرة؟
[email protected]
7:44 دقيقه
TT
هل يكون 2014 عاما غير سعيد لأوباما؟
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة