فرانسيس ويلكنسون
TT

ترمب يجعل أميركا أكثر ترحيباً بالمهاجرين

قد يصبح الرئيس دونالد ترمب في النهاية سبباً لتوحيد الشعب في التعامل مع إحدى أهم القضايا في السياسة الأميركية، ألا وهي الهجرة.
بالطبع لم يكن ذلك في نية ترمب بالنظر إلى حملته الانتخابية التي استهلها بحالة أقل ما توصف بأنه تزمت عقائدي ضد المهاجرين.
حسب ما أوضحته استطلاعات الرأي العام، فإن مصطلح «الهجرة» هو البديل المنقوص لكلمة «عرق». فقد جاء ترمب ليجعل لتلك العبارة وقعاً أوضح، حسب ما أوضحته التحليلات السياسية الكثيرة، فإن سياسة ترمب هذه أشبه بالمادة اللزجة التي تلصقه بأنصاره المتحمسين. وربما شكلت تلك المادة القوة السياسية الكامنة، لكنها ليست مادة هلامية بلا حدود، فقد أوجد لها ترمب حدوداً.
فقد أثار استطلاع للرأي العام أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، بالتعاون مع قناة «إن بي سي» عام 2005، سؤالاً عما إذا كانت الهجرة إلى الولايات المتحدة تساعد أكثر مما تضر، وأفاد 37 في المائة ممن شملهم البحث بأن الهجرة تساعد، فيما قال 53 في المائة إنها تضر.
لكن تلك العاطفة المناهضة للمهاجرين أخذت في التعاظم إلى أن طغت تماماً عام 2012، لكن الاستطلاعات بعد ذلك بدأت تتخذ منحى مغايراً. ففي أحدث استطلاعات الرأي التي جرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، سجل المؤيدون لوجهة النظر أن الهجرة تمثل عنصراً مساعداً نسبة 61 في المائة، مقابل 28 في المائة لمن يرون أنها «تضر». وإذا نظرنا إلى الأرقام خلال الفترة من 2005 إلى 2018، سنلاحظ تحولاً بنسبة 49 في المائة في صالح أصحاب النظرة القائلة إن الهجرة «تساعد» الولايات المتحدة.
وعلى المنوال نفسه، ففي يونيو (حزيران) من العام الحالي، سجلت وكالة «غالوب» البحثية نسبة جديدة وصلت إلى 75 في المائة من الأميركيين يقولون إن «الهجرة أمر حسن».
وفي انتخابات 2018 الفصلية، كتب مستطلع الآراء الديمقراطي ستانلي غرينبيرغ، أن أعضاء الحزب الديمقراطي ترشحوا في الانتخابات «حزباً متعدد الثقافات معتداً بنفسه» في مواجهة الحزب الجمهوري الذي ترشح بوصفه «حزباً مناهضاً للهجرة»، لكن النتائج لم تكن جيدة للجانب المناهض للهجرة.
الخطر الأكبر على الجمهوريين هو أن سياسة ترمب إزاء الهجرة من شأنها أن تحفز المرشحين من غير البيض للانخراط السياسي، وفي الوقت نفسه ستساهم في إحساسهم بالاغتراب والبعد عن الحزب الجمهوري ولأمد طويل.
ربما هذا ما حدث في كاليفورنيا في عهد حاكم الولاية عضو الحزب الجمهوري المناهض للهجرة، بيتي ويلسون، الذي فاز في الانتخابات عام 1994 في حملة شرسة مناهضة للهجرة. «فبعدما تمكن المرشح الجمهوري من تقسيم أصوات الناخبين من أصول إسبانية عام 1990، لم يتمكن من الحصول إلا على 17 في المائة من أصواتهم عام 1998»، حسب أليكس نوريستن، خبير الهجرة بمعهد «كاتو»، في دراسة حول تبعات الانتخابات.
وعند سؤال عضو الحزب الديمقراطي ومستشار عضو مجلس الشيوخ ديان فينشتاين، عما إذا كان قد لاحظ التراجع قريب الشبه بما حدث في ولاية كاليفورنيا، أجاب بأن «ما يفعله ترمب في الهجرة على مستوى الولايات المتحدة هو نفسه ما فعله بيتي ويلسون في كاليفورنيا عام 1994».
وفي السياق ذاته، كتب المحلل السياسي دان هوبكنز الأستاذ بجامعة بنسلفانيا، عام 2917، يقول إن «الأميركيين أصبحوا أكثر ليبرالية تجاه الهجرة، في الوقت نفسه الذي اتخذ فيه ترمب والحزب الجمهوري اتجاهاً متشدداً تجاهها».
ويرى خبير استطلاعات الرأي ديفيد وينستون أن المناظرات بين الحزبين مفادها بأن الولايات المتحدة «دولة القانون»، تتألف من الحزب الجمهوري في مواجهة دولة المهاجرين ويمثلها الحزب الديمقراطي، فيما يؤمن الشعب بكلتا القيمتين، إن وظيفة الساسة هنا هي تدبير الطريقة التي يمكن من خلالها لتلك القيم أن تعمل سوياً. لكن النجاح في إدارة هذا الملف ليس شغل ترمب الشاغل، ولذلك فإن هناك احتمالاً قوياً بأن تستمر مشكلة الهجرة في التفاقم إلى أن يدلي رئيس جديد بالقسم.
وحسب المدافع عن الهجرة فرانك شيري، فإن ما يحدث هو «تأثير ترمب»، مضيفاً أنه «عندما تدرس استطلاعات الرأي العام والسياسات المساندة للهجرة، فقد استطاع ترمب أن يجعل من الهجرة قضية شعبية أكثر من أي وقت مضى».
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»