علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

ما بعد الميزانية

يمكنني القول إن السعوديين احتفوا في الأسبوع الماضي بصدور الميزانية للعام المقبل، وللحقيقة فإن طقوس إصدار الميزانية هذا العام أتت مختلفة؛ فأولاً هناك حضور إعلامي أجنبي كبير، الأمر الآخر أنه في اليوم التالي للميزانية عقد مجموعة من الوزراء ندوات أوضحوا فيها إنجازاتهم وإنجازات وزاراتهم وما يتوقع أن ينجز خلال العام المقبل.
ومن المعروف أننا نتحول للحكومة الرقمية وقد أضاف لي المهندس عبد الله السواحة معلومات جديدة، فقد ذكر أن بعض الأجهزة الحكومية وصلت فيها الأتمتة إلى 72 في المائة مع وعد أن نصل للحكومة إلكترونية خلال سنتين وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد بلغت المعاملات بين مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) ووزارة المالية 800 ألف معاملة كلها رقمية، وقس على ذلك بقية القطاعات كوزارة الداخلية ووزارة العدل حيث قطعوا شوطاً كبيراً في التحول الرقمي.
هذه الميزانية الضخمة والبالغة 1.1 تريليون تحتاج جهداً مكثفاً من الوزراء في الصرف وأتمنى على الوزراء أن يصرفوا كل قرش معتمد في ميزانية وزاراتهم حتى تتحرك السوق ويشعر الشارع بأثر الميزانية والجميع يعرف أن هناك إجراءات للصرف مثل إعداد المواصفات للمشروع وإجراءات طرح المناقصة وإجراءات فتح المظاريف وإلى غير ذلك، وهذا يأخذ وقتاً قد تنتهي السنة معه والمشروع لم يطرح مما يعني عودة المال المخصص للمشروع لوزارة المالية مرة أخرى.
واقترح في هذا السياق أن يعد الوزراء مشاريع وزاراتهم لمدة خمس سنوات مقبلة وأن تعد المواصفات الفنية والرسومات المتعلقة بالمشروع إذا كان مشروعهم يحتاج لرسومات مثل إنشاء الطرق مثلاً حتى يكونوا على استعداد لبدء العمل فور اعتماد مشروعهم في الموازنة بدلاً من أن يتأخر إنجاز المشروع. ويجب على الوزراء ألا يتحفظوا في الصرف ما دام الصرف في طريقه الصحيح، فالدولة هي المنفق الأكبر في السوق السعودية. وبعض الدول في حالة الركود تلجأ إلى طرق كثيرة لتحريك السوق، فمثلاً في اليابان حينما حصل الركود وزعت الدولة 10 آلاف ين على كل مواطن بهدف تحريك السوق عبر تعزيز السيولة، وبالتالي ارتفاع الطلب سواء على البضائع أو الخدمات.
والقيادة السعودية أقرت هذه الميزانية الضخمة وبقي على الوزراء تنفيذ بنود هذه الميزانية حتى يحس المواطن بأثر الميزانية عليه، وإذا كنا في مقالاتنا دائمي الانتقاد، ففي هذه المرة أرى أن طاقم العمل في وزارة المالية قد قدم جهداً جباراً في إعداد الميزانية وفي طريقة الإعلان عنها فقد كانت احتفالية أبهرت الجميع.