ناثان بولارد
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

مزيد من السيارات مزيد من الوفيات

لقي أكثر من 1.3 مليون شخص مصرعهم بسبب حوادث الطرق في عام 2016، وهو أعلى مستوى مسجل على الإطلاق، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية. والعالم بمزيد من الناس يعني مزيداً من السيارات ثم مزيداً من الوفيات. وهذه الوفيات، رغم كل شيء، ليست موزعة بقدر من الإنصاف؛ إذ يقول تقرير الأوضاع العالمية لسلامة الطرق الصادر عن منظمة الصحة العالمية لعام 2018: «تعتبر الإصابات الناجمة عن حوادث المرور السبب الرئيسي في الوفيات للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و29 سنة على مستوى العالم. ويتحمل المشاة، وسائقو الدراجات، وقائدو الدراجات النارية الأعباء في ذلك ولكن بصورة غير متناسبة».
إن عدد السيارات السائرة على الطرق حول العالم ارتفع من 850 مليون سيارة في عام 2000 إلى أكثر من 2.1 مليار سيارة في عام 2016. ولكن حالات الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية قد انخفض من 135 حالة وفاة لكل 100 ألف إلى 64 حالة وفاة فقط لكل 100 ألف مواطن حول العالم.
ومن شأن الحوادث المرورية على الطرق أن تعد القاتل الأول للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و29 عاماً على مستوى العالم، ولكن مع إمعان النظر في بيانات منظمة الصحة العالمية، فإن وضعية «أكبر قاتل» هي أكثر إثارة للدهشة مما تبدو.
بالنظر إلى الشريحة العمرية بين 15 و29 عاماً، فإن الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية هي أعلى بنسبة 75 في المائة من الوفيات الناجمة عن العنف بين الأفراد، وأكثر من ضعف إجمالي الوفيات الناجمة عن أمراض ما بعد الولادة. وإن اعتبرنا أن تعداد سكان العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً يشكلون نظاماً بيئياً خاصاً، فإن السيارات تعتبر الحيوانات المفترسة الأكثر فتكاً بهم.
وعلى القدر نفسه من الدهشة، فإن وفيات الذكور من الحوادث المرورية أعلى بكثير من وفيات الإناث من الحوادث نفسها في كل شريحة عمرية، وفق حسابات منظمة الصحة العالمية، وبالنسبة للشريحة العمرية بين 15 و49 عاماً من سكان العالم، فإن الذكور يشكلون 4 من كل 5 حالات للوفيات بسبب الحوادث المرورية.
فلماذا يهيمن الضحايا من الذكور على أغلب الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق حول العالم؟ الذكور هم الأكثر عرضة من الإناث لقيادة السيارات والمركبات في أجزاء كثيرة من العالم، وهم يقطعون أميالاً أكثر مما تقطعها الإناث كذلك. كما أن الذكور أكثر عرضة للانخراط في السلوكيات العدوانية جراء القيادة، التي قد تؤدي إلى نتائج مهلكة في بعض الحالات، مثل الاصطدام، أو قطع الطريق على سيارات أخرى، أو حتى الارتطام المتعمد بسيارات أخرى.
واستمرت الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق في الازدياد مع الارتفاع المطرد في عدد سكان العالم. وكما أشار مايكل بلومبرغ، مؤسس شركة «بلومبرغ» وشركتها الأم، في تقدمته لتقرير منظمة الصحة العالمية المشار إليه: «قضية السلامة على الطرق لا تكاد تقترب من حد الاهتمام الذي تستحقه حول العالم - وهي بالفعل واحدة من الفرص العظيمة لإنقاذ الأرواح في كل أرجاء العالم». ولقد خصصت مبادرة «بلومبرغ» العالمية للسلامة على الطرق أكثر من ربع مليار دولار منحة موزعة على مدى الـ12 عاماً الماضية لخدمة هذه الغاية. وهناك إشارات إلى التطور الإيجابي ضمن تقرير منظمة الصحة العالمية؛ فالوفيات الناجمة عن حوادث الطرق لكل 100 ألف مواطن حول العالم انخفضت بصورة طفيفة خلال القرن الحالي، وصارت السيارات والمركبات أكثر أماناً.
ومع ذلك، فإن تحويل العدد المتزايد من إجمالي حالات الوفيات إلى الانخفاض يستلزم قدراً أكبر من وسائل الأمان والسلامة في المستقبل مع إنتاج مزيد من السيارات وولادة مزيد من الأفراد.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»