مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

{اثنين كفاية}!

قبل أسبوعين تحديداً كنت سهراناً أتفرج على البرنامج الناجح (الحكاية) الذي يعده ويقدمه الأستاذ عمرو أديب، من قناة مصر التابعة لـmbc، وكان موضوع الحلقة (الانفجار السكاني) في مصر - أو بتعبير أخف - التزايد السكاني الذي يدعو للقلق أو الخوف فعلاً، إذا لم يلجم أو يتصدى له.
وللأمانة فهذا التزايد أو القنبلة الموقوتة، تعاني منها جميع الدول العربية تقريباً - حتى أقلّها سكاناً - لأنها إذا لم تنتبه لنفسها من الآن سوف تطالها تلك الكارثة.
ويؤسفني أن البعض يخففون منها، بل إنهم يغالطون الواقع بكل سذاجة عندما يقولون إن الزيادة قد تكون في المصلحة، ويضربون مثلاً بالصين أو الهند، حيث إن تلك البلاد تنهض رغم أعدادها المهولة، وأقول لهم: إن المسؤولين هناك تمنوا أن يصحوا من نومهم ويجدوا عدد سكانهم قد تناقص إلى النصف، وعندها سوف يزداد نهوضهم وتقدمهم وتنظيمهم أكثر وأكثر.
ولو أننا ضربنا المثل بمصر بحكم أنها أكبر البلاد العربية، فعدد سكانها في عام 1950 كان في حدود 20 مليوناً، ووصل الآن إلى 104 ملايين، وعلى هذا الأساس تضاعف عدد السكان خلال ستة عقود ونصف فقط إلى أكثر من خمس مرّات، إذن ماذا سوف يكون الحال عليه، بعد ستة عقود قادمة؟!
المسألة ليست مزحة أو نكتة، إنها فعلاً اختبار وتحدٍ ومستقبل.
وتقول الإحصائيات إن عدد الرجال المتزوجين من أربع نساء قد بلغوا 11234 رجلاً، والكثير من هؤلاء يحملون شهادة الدكتوراه.
كما أشارت إحصائيات إلى أن أكثر من 30 في المائة من الفتيات البالغات من العمر ما بين 20 و25 سنة، يتزوجن برجال في عمر آبائهن وأجدادهن بما يعرف (بزواج الوناسة).
واللافت للانتباه أن الزيجة الثانية في ارتفاع ملحوظ لدرجة أنها تصل إلى أكثر من 10 في المائة من الزيجات، فالزواج من أخرى أصبح ظاهرة عامة، والمثير أن 90 في المائة من الأزواج الذين يفعلونها يخفون عنوان الزوجة الأولى حتى لا يتم اكتشاف الزواج الثاني - وكلّه يحمل وكله يخلّف - والذي يفجع حقاً هو ما قرأته من تصريح عضو سابق في لجنة الفتوى بالأزهر حيث يقول فيه بالحرف الواحد ودون أن يرف له رمش: إنه يجوز (تزويج البنت وهي ما زالت جنيناً في بطن أمها) - تصوروا (!!) ولكنني حمدت ربي عندما تصدى لهذا الكلام التافه المخزي، الشيخ محمد عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية، واستهجنه قائلاً: إن هذا لا يمت بأي صلة لا للعقل ولا للإنسانية.
إنني أؤيد الحملة التي يقودها عمرو أديب، وشعارها: {اثنين كفاية}.