مارك وايتهاوس
TT

كيف يمكن للشركات القوية إعاقة النمو

هناك مقولة جيدة مفادها أن الشركات الأميركية تستخدم القوة والنفوذ الذي يواكب زيادة حجم الشركة وتزايد هيمنتها على السوق في تخفيض أجور العمال. ولكن هل تؤدي هذه الظاهرة إلى إعاقة الاقتصاد بأسره؟
استناداً إلى البيانات الواردة من الإنتاج الصناعي، فإن هذا من الاحتمالات الواضحة.
ولنتصور عالماً يعمل الجميع فيه لصالح شركة واحدة فقط. يمكن لصاحب العمل هذا أن يحدد الأجور أدنى مما تفرضه سياسات السوق الحرة، وذلك لأن الموظفين لن يكون لديهم شركة أخرى يعملون لديها. مثل هذه السلطة الاحتكارية يمكن أن توجد أيضاً مع هيمنة عدد من الشركات على سوق العمل - وهو الوضع الشائع في الولايات المتحدة، والذي ساعد في دفع نصيب العمال من الدخل القومي الأميركي إلى أدنى المستويات القياسية المعروفة.
وهناك المزيد أيضاً. تشير النظرية إلى أن ممارسات السلطة الاحتكارية من شأنها إعاقة النمو الاقتصادي الكلي. فإن كانت الأجور منخفضة بصورة مصطنعة، فسوف يختار عدد أقل من الناس العمل، ونتيجة لذلك، لن تعمل الشركات أبداً بكامل طاقتها، لأنهم من خلال سداد الأجور المتدنية القيمة ينخفض تبعاً لذلك معدل المعروض من العمال في سوق العمل.
فما الذي يحدث في واقع الأمر؟ حسناً، لا تزال الشركات الصناعية الأميركية تعمل أدنى من قدراتها الاستيعابية الكاملة، على الرغم من أن الاقتصاد الأميركي لا يزال في عامه العاشر من التوسع والنمو. وعلى وجه التحديد، يقدر بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استقر إجمالي الطاقة الاستيعابية عند 78.4 نقطة مئوية، بانخفاض بلغ 1.4 نقطة مئوية عن المتوسط المسجل على المدى الطويل.
وليس أقل إثارة للاهتمام هي الأسباب التي أعلنت الشركات عنها والتي تبرر العمل دون الطاقة الاستيعابية الكاملة - وهو السؤال الذي ظل مكتب التعداد يطرحه منذ أواخر تسعينات القرن الماضي. وضمن هذا الإطار الزمني، فإنه يستشهد بأقل من أي وقت مضى بالنقص في الطلب على العمالة، في حين أنه يقول بأكثر من أي وقت مضى إن الشركات لا يمكنها الحصول على العدد الكافي من العمال.
وتأكيداً للقول، لا يمكن اعتبار السلطة الاحتكارية من جانب الشركات بأنها التفسير الوحيد الممكن لذلك. ربما من بين الأسباب أيضاً هناك البطالة الطويلة الأجل والناجمة عن الركود الكبير الأخير والذي أسفر عن إضعاف عرض العمالة بصورة دائمة. وربما أن العمال لا يملكون المهارات المطلوبة التي تحتاج إليها الشركات. أو ربما أن تراجع نمو الإنتاجية قد جعل العمال يشكلون، وليست القدرة الاستيعابية الصناعية، القيد الملزم على اقتصاد البلاد.
ومع ذلك، فإن السلطة الاحتكارية للشركات على الأجور تستحق المزيد من الاهتمام - ولا سيما على جانب السلطات الفيدرالية التي، من خلال السماح بالدمج ما بين الشركات الكبرى بغية زيادة التركيز على الأسواق بشكل متزايد، قد ساعدت على ظهور المسألة في المقام الأول.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»