إنعام كجه جي
صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.
TT

آلو بريجيت؟

في كل موسم لها فورة. ومع كل فورة من فوراتها تهبّ مجلات باريس وجرائدها الشعبية، وحتى الرصينة، للحديث عنها وتغطية غضبتها. إنها بريجيت باردو التي ينطبق عليها مثلنا العراقي: «تفور فورة وتستوي». تصخب وتعربد ثم يهدأ الجو وتعود النجمة الثمانينية إلى طقوس عزلتها في منزلها الجنوبي على شاطئ المتوسط. ممثلة شهيرة هجرت السينما وتفرغت للدفاع عن الحيوانات وإثارة الزوابع في الفناجين. وإذا كان هناك من يعتبرها عجوزاً خَرِفة ويندد بهجومها على المهاجرين، فإن طائفة أخرى تتعاطف مع نشاطها الدؤوب لحماية الكائنات الضعيفة. يصفّق الفرنسيون لمدام باردو في كل مرّة تطلق لسانها لتهاجم رئيساً أو وزيراً في الحكومة.
هذه المرّة وجّهت قوسها والنشّاب نحو نيكولا هولو، وزير البيئة الانتقالية، وأطلقت سهماً. قالت عنه في الصحافة إنه خوّاف وجبان من الطراز الأول. وهي ضد قراراته المتعلقة بحصص الصيد التقليدي للحيوانات. ولم يعجب كلامها الوزير الذي يعتبر أبرز ممثلي حركات الخضر في أوروبا، وقد كان له برنامج تلفزيوني ناجح حقق له شعبية كبيرة. رشّح نفسه للرئاسة ورفض أن يكون وزيرا في عهود شيراك وساركوزي وهولاند. ومع انتخاب ماكرون وافق على دخول الحكومة. هل تخوّله شعبيته مناطحة الفرس الشقراء الجامحة بريجيت؟
حاول الوزير أن يتحرك بعيداً عن آذان الصحافة. لكن الممثلة فضحته وغرّدت تقول إن الهاتف رنّ في منزلها صبيحة الأحد الماضي، الأمر الذي أثار استغرابها. من ذا الذي يتصل في مثل تلك الساعة من يوم العطلة؟ توّقع زوجها أن يكون المتصل نيكولا هولو. وبالفعل نقلت لها السماعة صوت الوزير الغاضب يلومها على ما قالته في حقّه. أخبرها بأنه أمضى 36 سنة من عمره في حماية البيئة، وردّت عليه بأنها قضت 45 عاماً في خدمة الحيوانات. ثم تصاعد الجدل ووصفها بأنها تتملّق الرئيس بمعسول الكلام. وتحداها، إذا لم تكن جبانة، أن ترافقه في حملة إعادة الدببة التي تناقصت أعدادها في المناطق الجبلية. وتقول إنها سخرت من دعوته لأن الدببة ستكون هدفاً لنيران الصيادين، وأقفلت السماعة في وجهه.
لا تخشى بريجيت باردو حيواناً ولا إنساناً. ليس هناك كواتم صوت في فرنسا. إنها الممثلة التي لبّت دعوة الرئيس ديغول إلى عشاء في «الإليزيه» وذهبت مرتدية سترة ضابط من العهد الإمبراطوري. وابتسم الجنرال وجاملها بكلمتين. كانت النجمة التي تقارب مبيعات أفلامها إلى الخارج عائدات تصدير سيارات «بيجو». وهي تضع شهرتها في خدمة اليمين السياسي. ارتبطت بصداقة متينة مع الرئيس بومبيدو وأيدت انتخاب جيسكار ديستان. ولما منحها ميتران وسام الشرف رفضته. قالت إن الرئيس الاشتراكي استقبلها واستمع إليها وهو شارد، ولم يفعل شيئاً. وكان شيراك لطيفاً معها ويناديها: «يا قطيطتي». لكنها تعتبره ملك الكذابين. أما ساركوزي فهو «كارثة». وليس هناك ما يذكر عن هولاند إذ تمرّ به مرور الكريمات. وبعد انتخاب ماكرون ذهبت للقائه ووبخته على اختيار هولو وزيرا للبيئة. قالت له إنه مبعث خطر ولا يصلح للمهمة، واقترحت عليه اسما آخر.
هل يسمح المجد السابق لبريجيت باردو أن تتدخل في تشكيل الحكومات وتطالب بطرد المهاجرين «المتوحشين»؟ فنانة تناصر اليمين المتطرف وتهاجم ذبح الخراف وفق الشريعتين اليهودية والإسلامية وتتعرض للملاحقة القضائية ولا ترعوي. كتبت مذكراتها 3 مرات وتزوجت 4 رجال، والأخير من مستشاري مارين لوبين. تقول علناً إن مارين هي «جان دارك» الجديدة التي تستطيع أن تنقذ فرنسا. لم تفهم الممثلة المعتزلة كلام أم كلثوم: «قل للزمان ارجع يا زمان».