علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

محرك «أرامكو»

الجميع يعرف أن شركة «أرامكو» السعودية شركة نفط عالمية، تهتم بالتنقيب عن النفط والغاز، واستخراجهما وتسويقهما في أنحاء العالم. وقبل أسبوعين، أعلنت «أرامكو» أنها تقوم بتطوير محرك مع شركة «مازدا» اليابانية، وأنا متأكد أن لـ«أرامكو» أبحاثاً أخرى مع شركات أخرى لم يعلن عنها، والسبب أن نتائجها لم تصل إلى أن تكون نهائية.
مهمة المحرك، كما أعلن عنه، أنه يوفر الوقود! أي يستهلك وقود أقل! كما أنه الأقل في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. هذه نعرفها، فالجميع حريص على البيئة، وأذكر أنني حينما كنت في أستراليا، كان يرافقني أحد الأصدقاء الذي يدرس هناك، وبعد أن أمضينا عدة أيام في سيدني، سألني ماذا لاحظت على السيارات؟ فقلت له: ملاحظتي أنني لم أرَ انبعاث ثاني أكسيد الكربون من عوادم السيارات، هز رأسه وقال: هذا صحيح، فحكومة أستراليا شديدة في هذا الموضوع، وتجبر صانعي السيارات ومستخدميها على استخدام عدة فلاتر، حتى تقلل من انبعاث الغازات الضارة من السيارة، وهذا أمر تحرص عليه معظم الدول المتحضرة.
لكن الغريب كيف تسعى «أرامكو» للمساعدة في صناعة محرك يكون الأقل في استهلاك الطاقة أو النفط وهي الشركة المنقبة عن النفط والمنتجة له؟ يبدو الأمر غريباً، فشركات السجائر تضع مع السجائر مادة البارود المخففة حتى تستمر السيجارة في الاشتعال، فيصرف المدخن أكبر عدد من السجائر، هذا أمر تسويقي مشروع يكافحه المجتمع عبر التوعية بأضرار السجائر.
إذن، ما الذي دعا «أرامكو» إلى إنتاج محرك يوفر الطاقة؟ الذي دعاها إلى ذلك مجموعة من العوامل، أهمها أن تخفيض استخدام النفط في المواصلات إيجابي للبيئة، ويتوافق مع مناصريها. ثانياً: إن تحول النفط إلى مواد أخرى عبر الصناعات البتروكيميائية أفضل من تسويقه كنفط. إن جميع شركات النفط في العالم لا تتمنى أن يستخدم الوقود الصلب في إنتاج الكهرباء، وتتفق مع «أرامكو» شركة «شل» العالمية التي تنظم ماراثوناً سنوياً تجمع فيه أكثر من 280 جامعة عالمية يتسابق طلابها على من يقطع مسافة أطول بلتر البنزين الواحد. كما يصاحب هذا الماراثون معرض لعرض كيفية إنتاج الطاقة المتجددة عبر وسائل مختلفة، مثل الطاقة الشمسية وإنتاج الطاقة من الماء، وغير ذلك من المصادر؛ وهذا المعرض تموله شركة «شل».
جميع شركات النفط العالمية تدرك أن النفط مادة ناضبة، وأن البشر يتكاثرون يوماً بعد يوم، وعبر الأبحاث يمكن تحويل النفط إلى مواد أخرى أهم من الوقود، لذا تسعى الشركات العالمية لإبعاد المصادر التي تستهلك أغلب الوقود، مثل إنتاج الكهرباء، كما تحاول تقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون من مشتقاتها النفطية احتراماً للبيئة وأنصارها الخضر.