علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

مساواة

عملي الصحافي أتاح لي أن أزور كثيراً من قارات العالم وبلدانها، وضاعف من ذلك أيضاً محبتي للسفر. كتبت لكم الأسبوع الماضي عن أستراليا، اليوم أكتب لكم من الولايات المتحدة الأميركية أو ما اصطلح العرب على تسميته أميركا، مختصرين بذلك دول القارة، وتحديداً من ولاية بنسلفانيا.
من أهم ما أعجبني في أميركا المساواة، لا تستغربون وتقولون كيف تقول المساواة وأنت في بنسلفانيا المشهورة بتعصبها، أنا لا أقصد المساواة في الحياة الاجتماعية، فمن حق الرجل الأسود أو كما يصطلحون على تسميته بالأفريقي الأميركي، أن يرفض الزواج من بيضاء والعكس صحيح، فهذه حياتهم ولكن القانون لا يمنع ذلك، وهذا في حقيقة الأمر لا يهمني كثيراً.
ما يهمني هو أن الجميع متساوون أمام القانون ولا يحق لربّ العمل أن يرفض موظفاً كفؤاً من أجل لونه لأنه سيقاضيه، وهذا ما خلق كفاءة ومهارة في اليد العاملة التي تعتبر أهم ركيزة في الإنتاج الاقتصادي، فإذا تدخلت المحسوبية والواسطة والولاء قبل الكفاءة كما في عالمنا العربي خربت المؤسسات، سواء كانت اقتصادية أو خدمية ولا تحتاجون لطويل تفكير لتعرفوا ضعف إنتاجنا في العالم العربي، فنحن لا نزال نستورد السيارات التي أصبحت إرثاً قديماً وتقنيتها مشاعة للكل وتقدمنا الصناعي بطيء جداً مقارنة بغيرنا من الأمم، فهل تظنون أننا لو استخدمنا المعيار الأميركي من حيث الكفاءة والمساواة أمام القانون سننجح؟
الأمر الثاني أعجبتني بساطة الإدارة الأميركية ونأخذها من المقدمات، فأنت حينما تزور منشأة أميركية وتقابل الرجل الأول بها، فستفاجأ باستقباله وترحابه وأنه هو من يسألك ماذا تشرب؟ شاياً أم قهوة؟ وقد يصنعها لك.
وقد واجهت الجالية العربية مشكلة بسيطة مع حكومة الولاية في بنسلفانيا، لا يهم نوع المشكلة ولكن ما يهم طريقة التعاطي، الجالية العربية كتبت للكونغرس رسالة تشرح بها المشكلة وتطلب منه التدخل لدى إدارة بنسلفانيا، الكونغرس الأميركي في اليوم ذاته كتب رسالة إلى الإدارة المحلية يرجو بها حل المشكلة، وفي الوقت ذاته أرسل عضو الكونغرس بيل شيستر رسالة إلى الجالية العربية يشكرهم فيها على طلب مساعدة الكونغرس لحل المشكلة!!! ويؤكد عليهم عدم التردد في طلب المساعدة مرة أخرى إذا احتاجوا ذلك.
في الوقت ذاته، نرى برلماناتنا العربية تناقش مواضيع تافهة في جلساتها ولا تهتم بمشكلات المواطنين، بل كل ما يهمها هو إرضاء الإدارة التنفيذية.
ولم تكلف برلماناتنا العربية نفسها حتى ولو بمناقشة موضوع البطالة في عالمنا العربي رغم أنها أصبحت ظاهرة مقلقة وأنتم تعرفون أن البطالة أكبر مدمر للاقتصاد الوطني بالإضافة إلى آثارها الجانبية، سواء في الجانب الأخلاقي أو الأمني.