يبدو أن حجم فضيحة غسل الأموال المزعومة لدى بنك «دانسكه إيه - إس» هي أسوأ بكثير مما كان متوقعاً في شهر مايو (أيار) الماضي.
ومن المحتمل أن تكون عمليات الإقراض الدنماركية الإستونية لدى البنك قد استخدمت في غسل ما مقداره 8.3 مليار دولار في الفترة بين عام 2007 و2015، أي ما يساوي ضعف التقديرات السابقة، وذلك وفقاً للتقارير الإخبارية المحلية. وحتى الآن، تلقى البنك ما يزيد قليلاً على التوقف الصارم مع طلب بإيقاف المزيد من رؤوس الأموال من قبل الجهات الرقابية الوطنية.
والمواطنون الدنماركيون محقون في التساؤل عما إذا كانت العقوبات القاسية لم تخرج للنور بعد. وقال توماس بورغين المدير التنفيذي للبنك الدنماركي في مايو الماضي إنه يشعر بأسف شديد، وإن البنك في وضع مختلف ومغاير تماماً اليوم عندما يتعلق الأمر بمكافحة الجرائم المالية. ولكن الجهات الرقابية حرصت على ترك خيارات الإنفاذ مفتوحة حتى استكمال البنك للتحقيقات الجارية.
وهبطت أسهم البنك بما يصل إلى 3.6 نقطة مئوية يوم الأربعاء الماضي، ما يشير إلى وجود حالة قائمة من عدم اليقين. ومن المرجح للعواقب المترتبة لتلك الفضيحة على البنك أن تكون أكثر عاطفية منها مالية، وذلك وفقاً لشبكة «بلومبيرغ» الإخبارية. ومع ذلك، فإن التداعيات بالنسبة إلى الجهات الرقابية الدنماركية، والطريقة التي تدير بها الجهات الرقابية مختلف البنوك على المستوى الدولي، قد تكون أوسع بكثير.
ومع اقتراب ميعاد صدور التقرير النهائي للبنك في وقت لاحق من العام الحالي، سوف ترغب الدنمارك في إظهار خط دفاعها الموثوق به في ضوء جهود مكافحة غسل الأموال. وكانت قائمة علامات التحذير لدى بنك «دانسكه إيه - إس» طويلة للغاية؛ إذ كانت الوحدة الإستونية غير المقيمة لدى البنك تحقق الأرباح بما يزيد على 400 في المائة في وقت تدفقات الأموال المزعومة - وهي من الرايات المصرفية الحمراء الواضحة. ولم يكن لدى الوحدة الإستونية مدير لمكافحة غسل الأموال طيلة عام 2013 تقريباً. وسوف تكون تلك القضية بمثابة اختبار تاريخي للبلاد التي طُلب منها بالفعل بذل المزيد من الجهود للحماية ضد هذا النوع من المخاطر على وجه التحديد في عام 2017 من قبل فرق العمل المكلفة الإجراءات المالية.
بيد أنه من المهم بالنسبة إلى أوروبا والجهات الرقابية العالمية أن تولي المزيد من الاهتمام إلى الطبيعة الدولية لهذه القضية. وتقرير الجهات الرقابية الدنماركية، فضلاً عن الأدلة التي تم الكشف عنها بواسطة مؤسسات الإبلاغ عن مكافحة الفساد، ترسم جميعها صورة للأموال المتدفقة من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي عبر بنوك البلطيق التي تستغل الشركات الصورية المسجلة في المملكة المتحدة. وهناك صلات ضعيفة ومحتملة في كل مكان. واتخذ أحد المبلغين في بنك «دانسكه إيه - إس» خطوته، وأبلغ عن المخالفات بعد اكتشاف البيانات المزيفة التي تم تقديمها إلى «كومبانيس هاوس» سجل الشركات البريطانية. ويصب ذلك مباشرة في صميم محاور التمويل العالمي.
وتتحرك الجهات الرقابية الأوروبية ببطء شديد على هذا المسار، مدفوعة بالتحذيرات الصارمة التي أصدرتها الولايات المتحدة ضد التدفقات غير المشروعة للأموال من لاتفيا. وشرعت السلطات المحلية لدول البلطيق في إجراء التحقيقات الداخلية، وتستجيب الجهات الرقابية فوق الوطنية للضغوط الكبيرة باتخاذ المزيد من الإجراءات. وفي مارس (آذار)، سحب البنك المركزي الأوروبي رخصة بنك الإقراض الإستوني (فيرسو بنك) بعد مزاعم عن أنشطة البنك الإجرامية. وهناك الكثير مما ينبغي القيام به؛ إذ أوصت دانييل نيوي، رئيسة المجلس الإشرافي في البنك المركزي الأوروبي بجهود أكثر تضافراً وتوحداً في مكافحة غسل الأموال في ظل القواعد المنسقة في كافة أرجاء أوروبا.
وبصرف النظر تماماً عما سوف يحدث في بنك «دانسكه إيه - إس» الدنماركي، فإن التركيز على فشل البنك في الامتثال والإنفاذ الرقابي ليس إلا جزءاً يسيراً من القصة الكبيرة. ويشير الحجم المتسع المزعوم لأنشطة غسل الأموال إلى الحاجة الملحة لمشاركة المعلومات عبر الحدود بصورة أفضل مع التأكد من وجود موارد كافية لضبط الأمور، حتى لا تخرج عن سياقها المنضبط. وفي حالة عدم حدوث ذلك، فلن يكون بنك «دانسكه إيه - إس» الدنماركي هو الذي يكابد المعاناة والأوجاع بمفرده.
*بالاتفاق مع «بلومبيرغ»