دراسة جديدة تعد بقرب شفاء مرضى السكري من النوع الأول

لقاح مضاد لمرض السل يساعد على التخلص منه

دراسة جديدة تعد بقرب شفاء مرضى السكري من النوع الأول
TT

دراسة جديدة تعد بقرب شفاء مرضى السكري من النوع الأول

دراسة جديدة تعد بقرب شفاء مرضى السكري من النوع الأول

على الرغم من الاكتشافات المتوالية لوسائل علاجية حديثة لداء السكري بنوعيه، والتوصل لأدوية ذات مفعول طويل، تخفف من إرهاق المريض بتناول جرعات متكررة في اليوم الواحد والتعرض لنسيان بعضها، فإن معاناة مرضى السكري تتواصل مع الزمن.
ومن المعروف أن داء السكري من النوع الأول يحدث عندما لا تنتج غدة البنكرياس، القابعة خلف المعدة، هرمون الإنسولين الذي يقوم بتنظيم مستويات الغلوكوز في الدم. وقد تتلف معظم أجهزة الجسم، مع مرور الوقت، إذا استمرت كمية الغلوكوز في الدم مرتفعة للغاية دون تدخل لتنظيمها وإعادتها إلى المعدل الطبيعي. ويشكل مرض السكري من النوع الأول 10 في المائة، وهو أكثر أنواع السكري شيوعاً في مرحلة الطفولة.
أما داء السكري من النوع الثاني، الذي يعاني منه 90 في المائة من البالغين المصابين بالسكري، فإنه يحدث عندما لا ينتج الجسم كمية كافية من الإنسولين ليؤدي وظائفه بشكل صحيح، أو عندما تعجز خلايا الجسم عن أن تتفاعل مع الإنسولين، وهذا يعني أن الجلوكوز يبقى في مجرى الدم ولا يستخدم كوقود للطاقة.
وهناك نوع آخر من السكري هو «سكري الحمل»، الذي تعاني منه امرأة واحدة من كل 20 امرأة حاملاً، حيث ترتفع لديها نسبة السكر في الدم بسبب أن جسمها يصبح متمكناً من إنتاج كمية كافية من الإنسولين لتأييضها، وهذه الحالة تحتاج إلى علاج مستمر خلال فترة الحمل، ولحسن الحظ أن المرض في الغالب يزول تقريباً بعد الولادة.
- لقاح يخفض السكر
أظهرت دراسة أميركية حديثة، نشرت نتائجها الأولية عام 2012 في مجلة PLoS ONE Journal، ثم نشرت النتائج النهائية (بعد أن تم تمديد وتوسيع الدراسة مع متابعة طويلة الأمد) الأسبوع الماضي، بتاريخ 21 يونيو (حزيران) الحالي 2018، في مجلة التطعيمات npj Vaccines volume 3، Article number: 23 (2018)، أن لقاح بي سي جي (bacillus Calmette - Guérin (BCG) vaccine) المضاد لداء السل يمكنه أن يعكس مسار النوع الأول من داء السكري إلى مستويات طبيعية لا يمكن الكشف عنها تقريباً.
وامتدت الدراسة على مدى 8 سنوات، وقام بها باحثون أميركيون وجدوا أن جرعة واحدة فقط من هذا اللقاح، تليها جرعة أخرى معززة ومنشطة تعطى بعد 4 أسابيع، قد استطاعت خفض متوسط مستويات سكر الدم إلى ما يقرب من المعدل الطبيعي في غضون 3 سنوات، واستمر هذا التأثير في السنوات الخمس التالية.
واستندت النتائج الأخيرة إلى بيانات من 282 مشاركاً في الدراسة البشرية - كان 52 مشاركاً من مرضى السكري من النوع الأول الذين شاركوا في التجارب السريرية للقاح BCG، و230 الذين ساهموا في عينات الدم للدراسات الميكانيكية mechanistic studies.
ووجد أنه بعد 3 سنوات من العلاج، انخفض معدل السكر في الدم بنسبة 10 في المائة، وبنسبة 18 في المائة بعد 4 سنوات. وأصبح معدل الغلوكوز في الدم HbA1c لدى المشاركين الذين تم علاجهم نحو 6.65، وهو على مقربة من المعدل 6.5 الذي يعتبر حداً لتشخيص مرض السكري. وبالمقارنة، استمر ارتفاع نسبة السكر في الدم لدى الأشخاص في مجموعة التحكم خلال فترة الدراسة التي استمرت 8 سنوات.
وقالت الدكتورة دنيز فاوستمان، التي قادت الدراسة في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن: «إن نتائج هذه الدراسة تعتبر تحققاً إكلينيكياً من القدرة على خفض مستوى السكر في الدم إلى مستويات قريبة من المعدل العادي بفضل استخدام لقاح «بي سي جي» (BCG)، وهو لقاح آمن حتى مع المرضى المصابين بالمرض منذ أمد طويل. فقد ثبت من هذه الدراسة أن جرعتين فقط من اللقاح يمكنها معالجة المرض عملياً، ولسنوات كثيرة، وتوقف حاجة هؤلاء المرضى اليومية للتحقق من مستويات السكر في الدم باستمرار.
وأضافت: «بالإضافة إلى النتائج السريرية، فقد أصبح لدينا الآن فهم واضح للآليات التي من خلالها يمكن لجرعات اللقاح المحدودة من BCG إجراء تغييرات دائمة ومفيدة على الجهاز المناعي، وتخفيض نسبة السكر في الدم عند مرضى السكري من النوع الأول. إنه بعد أن استخدم لقاح BCG لقرن من الزمان تقريباً لمنع مرض السل، بات بالإمكان الآن أن يستخدم ليساعد على تعزيز وتنظيم الجهاز المناعي».
واكتشف الفريق الطبي أيضاً أن الجرعة من اللقاح يمكنها أن تزيد من قدرة الخلايا على تحويل الغلوكوز إلى طاقة، وبسرعة أكبر، وأن الاختبارات على الفئران قد أظهرت أن استخدام اللقاح نفسه سيكون فعالاً ومفيداً ضد داء السكري من النوع الثاني أيضاً.
وقد قدمت نتائج متابعة الدراسة في الاجتماع العلمي السنوي (78) للجمعية الأميركية لداء السكري، الذي عقد في يوم السبت الماضي 23 يونيو 2018 في مدينة أورلاندو.
- عمل اللقاح
لقد عرف عن لقاح «بي سي جي» (BCG) لأكثر من 30 عاماً أنه يعزز إنتاج مادة سيتوكين (cytokine)، التي تسمى عامل نخر الورم (tumor necrosis factor (TNF، والتي قد تكون مفيدة في أمراض المناعة الذاتية عن طريق القضاء على الخلايا التائية التي تهاجم خلايا وأنسجة الجسم، كما في حالة السكري من النوع 1، عندما تهاجم خلايا البنكرياس التي تفرز الإنسولين، وأيضاً عن طريق حث إنتاج الخلايا التائية التنظيمية (T regs)، التي تستطيع أن تمنع رد فعل المناعة الذاتية. وهنا، يكون دور لقاح «بي سي جي» (BCG)، في قدرته على رفع مستويات TNF بأمان.
وقد أشاد خبراء بريطانيون بهذه النتائج، ووصفوها بأنها «مثيرة للغاية»، وقالوا إن مثل هذا العلاج سيكون «تقدماً كبيراً» في علاج مرض السكري من النوع الأول، الذي يصنف كمرض مناعي ذاتي يهاجم فيه الجسم خلايا البنكرياس التي تنتج الإنسولين. وكما هو معروف، فإن الجسم يحتاج إلى الإنسولين لتحريك السكر من الدم إلى الخلايا، حيث يتم استخدامه كطاقة لأداء الوظائف الحيوية للجسم. وفي حالة عدم إعطاء حقن الإنسولين بشكل منتظم للمريض المصاب بالنوع الأول من داء السكري، فإنه قطعاً سوف يقع في غيبوبة قد تؤدي إلى الوفاة، إن لم يتم إسعافه فوراً. ومما يذكر هنا أن هناك ما يقدر بنحو 400 ألف شخص يعيشون مع هذه الحالة من داء السكري من النوع الأول في بريطانيا وحدها، ويحتاجون إلى الحقن بالإنسولين يومياً.
وتعليقاً على نتائج هذا البحث، قالت البروفسورة هيلين ماك شان، أستاذة علم اللقاحات في جامعة أكسفورد، إن التوصل لاكتشاف أن جرعتين من لقاح BCG، وهو لقاح مأمون ومعروف منذ أكثر من 100 عام تقريباً، يمكن أن تحسنا بشكل كبير من السيطرة على غلوكوز الدم لدى المرضى المصابين بداء السكري من النوع 1 هو أمر مثير للغاية. كما أن دراسة كهذه، التي أجريت بشكل جيد، تقدم لنا بيانات لآلية معقولة لدعم جهاز المناعة، وبتأثير طويل الأمد، وتضيف إلى ما تم التوصل إليه سابقاً مجموعة متزايدة من المعرفة حول تأثيرات لقاح BCG على أمراض المناعة الذاتية utoimmune diseases، وأن التأثيرات التي لوحظت في نتائج هذه الدراسة، والتي تزيد بشكل مثير للاهتمام مع مرور الوقت، قد توفر طريقة فعالة من حيث التكلفة للحد من معدلات الاعتلال والوفيات الكبيرة المرتبطة بداء السكري من النوع الأول.
ومن جانب آخر، علق البروفسور أندرو هاترسلي، أستاذ الطب الجزيئي بكلية الطب بجامعة إكسيتر، بأنه إذا ثبتت فعالية هذا اللقاح، فسيكون ذلك «تقدماً كبيراً»، لكنه يخشى من صغر حجم عينة الدراسة، الذي وصفه بأنه عدد ضئيل من الأشخاص المشاركين كي نعتبر ذلك علاجاً محتملاً للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع الأول.
أما البروفسور دانيال ديفيس، أستاذ علم المناعة بجامعة مانشستر، فاعتبر نتائج البحث، وإن كان عدد المرضى المشاركين فيه صغيراً نسبياً، إشارة إلى طريقة رائعة ومهمة يمكن من خلالها تعديل قوة جهاز المناعة لدى المرضى عن طريق التعرض للقاح BCG، وأنه يجب القيام بمزيد من الأبحاث للتأكد مما إذا كان هذا يمكن أن يساعد مرضى السكري من النوع الأول، وربما حتى أمراض المناعة الذاتية الأخرى.
- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.