راميش بونورو
TT

سياسة أميركا الضرائبية تحد من الفقر

انتقد تقرير صدر مؤخراً عن «مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان» الولايات المتحدة لتجاهل «الفقر المدقع وحقوق الإنسان».
وفي هذا الصدد، أشار فيليب ألستون، مقرر الأمم المتحدة، إلى السياسات المتبعة فيما يخص الضرائب ومستوى الرفاهية. واعتبرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» ذلك بمثابة «تقرير إدانة». وقد أظهر التقرير أن الأمم المتحدة تهدر الكثير من المال، الكثير منه قدمته الولايات المتحدة، على البروباغندا السياسية.
أكد تقرير ألستون، أن التخفيضات الضريبية التي طبقت في ديسمبر (كانون الأول) 2017 عادت بالنفع على الأثرياء، من دون أن يوضح ذلك ليؤكد وجهة نظره.
فقد ساهمت التخفيضات الضريبية نسبياً في تخفيف الأعباء الضريبية الفيدرالية التي تتحملها كل شريحة أجور. والأشخاص الذين يتعدى دخلهم السنوي أكثر من مليون دولار سيلاحظون تراجعاً في الضرائب الفيدرالية بنسب مئوية أقل من غيرهم.
لكن تحديد الطريقة الصحيحة لتقييم ذلك يعتمد على رؤيتك لأوجه الاستفادة من تلك الضرائب. ويزعم تقرير لجنة الأمم المتحدة، أن هناك حقائق دامغة تؤكد صحة تلك القضية، والأسوأ هو أن التقرير يوحي بأن الضرائب الفيدرالية ليست تصاعدية على الإطلاق.
وجاء تناول التقرير للرعاية الصحية أسوأ من كل سبق. فقد اكتشف «مكتب موازنة الكونغرس» العام الماضي أن أحد مشروعات القوانين المفترض أن تغير من مشروع «أوباما كير» سوف يقلص من أعداد المستفيدين من الرعاية الصحية بنحو 22 مليون شخص. وجاء ذلك التراجع المستهدف بعد إلغاء الغرامات المفروضة على الأشخاص الذين لا يتمتعون بالرعاية الصحية.
وجادل الكثير من المحافظين بأن «مكتب موازنة الكونغرس» قد بالغ بشأن تأثير تلك الغرامات. وفي نوفمبر أفاد مكتب الموازنة بأنه على وشك تقليل تقديراته. واختصر ألستون القضية بأن قال إن أعضاء الحزب الديمقراطي يسعون إلى إضافة نحو 20 مليون فقير وأبناء الطبقة المتوسطة إلى شريحة غير المتمتعين بالرعاية الصحية.
ما يحدث هنا هو تشويه ثلاثي؛ فالتقرير يستغل رقماً بصورة مبالغ فيها، ويتجاهل دور الاختيار الطوعي، ويتعامل على اعتبار أن أعضاء الحزب الجمهوري يسعون إلى نتيجة، في حين أنهم لا يعتقدون بإمكانية حدوثها من الأساس.
وفي نقاشه بشأن الفقر، تبني ألستون مرة أخرى الخط اليساري التقليدي، في حين تجاهل النقاش المضاد. وأشار إلى أن تريليونات الدولارات التي أنفقتها الحكومة في محاربة الفقر كانت عنصراً مساعداً في تقليص مستوى الفقر.
لكن ألستون افترض أن هذه النقطة كافية لدحض فكرة أن عناصر إصلاح برامج الرعاية الاجتماعية تؤدي إلى نتائج عكسية، ومن ثم فقد برر وضع استخدام عبارات ساخرة عن الأشخاص الذين يرون أن هذه البرامج كان من المفترض أن تكون «أكثر كفاءة» وأن «تستهدف» شرائح بعينها. ويعرض التقرير إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية المقدم من الحزبين من تسعينات القرن الماضي باعتباره كارثة إنسانية زادت من أعداد الناس الذين يعانون من الفقر المدقع، أي أقل من دولارين يومياً. لكن هذا الاتجاه بدأ يتلاشى مع استخدام المزايا غير النقدية مثل قسائم شراء الطعام، بحسب سكوت وينشيب، الباحث في «معهد منهاتن»، في دراسة نشرت عام 2016. وخلص الباحث إلى أن معدل فقر الأطفال تراجع إلى مستويات غير مسبوقة منذ تشريع قانون إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية. وقد تراجعت معدلات الفقر بدرجة كبيرة منذ تولى ترمب الحكم بسبب حالة الاقتصاد الجيدة، وهي النقطة التي لم يتعرض لها تحليل ألستون الموجه للأمم المتحدة. لذلك؛ فلوكالة أنباء «رويترز» كل العذر في أن تفهم التقرير على النحو التالي: «أميركا الفقيرة تنعم بالرفاهية في عهد ترمب».
وانتهى التقرير بتوجيه نداء للأميركيين بالسمو وعدم رفض دفع الضرائب المرتفعة بالقول إن «هناك احتياجاً حقيقياً لإقناع غالبية الأميركيين بأن الضرائب ليست في صالحهم فحسب، بل تلعب دوراً في عملية النمو»، هنا أعتقد أن القضية حسمت.
إن أداء الولايات المتحدة أفضل مما توحي الأمم المتحدة. فمثلاً، لم يلحظ مقرر الأمم المتحدة أن معدلات الحبس قد تراجعت. لكن أياً من هذا التقدم يمكن أن يبعث على الرضا الذاتي؛ لأن هناك الكثير من وسائل التغيير التي يمكننا من خلالها محاربة الفقر. فهناك سياستان يتبناهما الكثير من المحافظين والليبراليين، وهما تقليص الكثير من متطلبات التصاريح المهنية، وتخفيف القيود المفروضة على الإسكان، وقد تجاهلت الأمم المتحدة كلتا السياستين.
بإمكاننا استخدام تحليل منطقي بشأن كيفية الاستفادة والبناء فوق السياسة الأميركية الناجحة في مكافحة الفقر وكيفية إصلاح ما لم ينجح منها. لكن علينا النظر إلى أماكن أخرى غير «مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان» لتحقيق هذا الغرض.
- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»