مولي روبرتس
TT

حان الوقت للشباب اليهودي الأميركي أن يتخذ موقفاً

وجد الكثير من الأميركان صعوبة كبيرة في إدانة إسرائيل لقتلها 60 فلسطينياً على الأقل على الحدود مع غزة، وكان أكثر الممتعضين من ذلك هم اليهود الأميركان.
من الصعب التمييز بين اليهودية وإسرائيل، وهذا بالطبع هو بيت القصيد. فإسرائيل موجودة لأن اليهود الذين حاولوا التسلل إلى مجتمع غير يهودي كان جزاؤهم قروناً من الاضطهاد إلى أن حدثت مذبحة «الهولوكوست» وقرروا بعدها أن يتفرقوا. وبدلا من أن يهبطوا بدينهم إلى الحياة الدنيا ليتعاملوا من خلاله مع الحياة اليومية للبشر، جعلوا من هويتهم اليهودية عماد دولتهم المزدهرة.
واعتمد نجاح تلك الدولة ولا يزال على الدعم الخارجي، وكان السبيل إلى ذلك أن ينظر اليهود المنتشرون في مختلف بقاع العالم إلى إسرائيل بوصفها بيتهم.
ولذلك تقوم المدارس اليهودية في الولايات المتحدة بتدريس طلابها أن «إسرائيل كانت في الماضي البعيد ملكاً لأجدادنا، وأنها يجب أن تعود لأبنائنا. وحتى إن حدث وتوقف هؤلاء الأطفال عن الذهاب إلى المعبد في أيام الإجازات، وحتى إن لم نهاجر إلى أرض الميعاد، فالدرس لا يزال في عقولنا وفي عقول أطفالنا الذين لم تطأ أقدامهم أرض المعبد يوماً لكن آباءهم حكوا لهم ذكريات طفولتهم المبكرة». وعندما تخبو الذاكرة، فإن «معاداة السامية» تستيقظ بداخل اليهود الأميركان لتذكرهم بأن الكثير من الناس لا تزال تراهم أقل من غيرهم.
وهذا هو السبب في أن الكثير من اليهود التقدميين هنا لا يشعرون بالراحة. «ورغم تعاطفنا مع المهمشين، وهو ما يعد جوهريا في ديننا، فإن ذلك يتعارض مع دعمنا لدولة تتعمد تهميش الفلسطينيين كل يوم في الأراضي المحتلة، حيث يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية أو في غزة حيث يحاصرون ويمنع عنهم الماء والكهرباء إلا في أضيق الحدود».
وتوصل معهد «بيو» البحثي الأميركي إلى أن الأميركان الشباب يشعرون بالبعد عن إسرائيل «أكثر من آباء آبائنا»، لكن بالنسبة للكثيرين، فإن سبب التعارض بين الدولة اليهودية والقيم اليهودية يكمن في تجنب اتخاذ موقف واضح. ورغم أن البعض قد تحدث صراحة وأسس منظمات بغرض مواجهة الكيانات الأقدم والأكثر تعصباً مثل «لجنة العلاقات العامة الأميركية الإسرائيلية»، فقد التزم الآخرون الصمت. وكان من السهل القول بأننا نساند إسرائيل لكننا لا نساند الاحتلال، أو نستغل حقيقة عدم وجود حل كمبرر لتجنب تعقيدات الوضع غير السار بالمرة.
حدثت كارثة في أحداث غزة قبل أيام، فقد أمطرت إسرائيل المحتجين بوابل من الرصاص الحي، فيما كان يحمل البعض على الطرف الآخر إما حجارة أو إطارات سيارات أو قنابل منزلية الصنع، وكان البعض لا يحمل شيئاً. وزعمت إسرائيل أن الكثير من المتظاهرين كانوا من العسكريين. لكن الحقيقة تقول إن الكثيرين منهم كانوا من الشباب والفتيات الغاضبات الذين لم يسمح لهم بمغادرة قطعة أرض لا تتعدى مساحتها 25 ميلا طولا وسبعة أميال عرضاً، طيلة حياتهم. كانوا يحاولون الركض تجاه السور حتى وإن أدركوا أن المكافأة التي تنتظرهم على الجانب الآخر هي مواصلة مجانية إلى السجن، وذلك لأنهم يعيشون في مجتمع أشبه ما يكون بالسجن. لكن استغلال منظمة «حماس» لحالة اليأس التي يعيشها هؤلاء الشباب لا يبرر الإقدام على قتلهم.
العنف غير المبرر الذي تمارسه إسرائيل حالياً ليس بالجديد، لكن الجديد هو تبرؤ الولايات المتحدة من سنوات من الجهد لتنفيذ حل الدولتين. وقد أوضحت حكومة بنيامين نتنياهو أن نية إسرائيل نية ضئيلة في تقديم ما يشبه دولة مستقلة للفلسطينيين. والآن شرعت إدارة ترمب في السير في نفس المسار، ونقل سفارتها إلى القدس ليس إلا خطوة أولى.
من الصعب أن نردد أننا نساند إسرائيل لكننا لا نساند الاحتلال، طالما أن حكومتنا خلطت بين الاثنين، وهو الخلط الذي شجع قادة إسرائيل على التصرف بمأمن من العقاب. والأصعب هو عندما يرفض رئيسنا وغالبية ممثلينا والكثير من اليهود من كبار السن مجرد الاعتراض علانية على فظائع مثل التي شاهدناها في مسيرة قطاع غزة.
ومع اقتراب الولايات المتحدة أكثر وأكثر من إسرائيل، بدأ الجيل الصاعد من اليهود الأميركان في النأي بنفسه عما يحدث بالتطلع بعيداً. ولذلك فإن تكرار ما حدث خلال الأسابيع المقبلة من شأنه أن يسرع من وتيرة هذا التغيير.

- خدمة «واشنطن بوست»