تصاعدت التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب؛ فقد حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طهران من أن قوات بلاده جاهزة للرد، وستجعل من يريد قتل الإسرائيليين يدفع ثمناً باهظاً. ومن جهة أخرى، نصح وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان «كل من هم على الحدود الشمالية بأن يفكروا جيداً في أفعالهم، لأنه ليس مفضلاً أن يختبروا الجيش الإسرائيلي».
الإيرانيون بدورهم يتوعدون بالرد على الهجوم على قاعدة «تي فور»، وهدد نائب رئيس الحرس الثوري العميد حسين سلامي تل أبيب، مؤكداً أن الحرب المقبلة لن تكون كحرب لبنان صيف 2006، مشدداً على أنه «لن يكون أمام الصهاينة سوى الهرب والسقوط في البحر. القوات المسلحة الإيرانية أيديها على الزناد وصواريخها جاهزة للإطلاق».
بعيداً عن المزايدات السياسية والإعلامية بين الطرفين، ما احتمالات اندلاع الحرب في المنطقة؟ المحللون السياسيون الإسرائيليون أجمعوا على أنه في حال تزويد روسيا النظام السوري بالمنظومة المضادة للطيران المتطورة «إس 300»، فإن تل أبيب قد تستهدفها لمنع أي تغيير في التوازن العسكري لمصلحة النظام السوري، وأكد رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلية السابق أن إسرائيل ستقصف هذه المنظومة في حال بيعها للنظام السوري.
أما إيران فستكون الخاسر الأكبر في حال اندلاع الحرب لاعتبارات كثيرة؛ أهمها:
أن إيران تتصور أنها الدولة الوحيدة التي لديها مصالح في سوريا. وسوريا بحكم موقعها تعد الركيزة الأساسية لنشر نفوذ طهران في المنطقة، لذلك ركزت على هذا الموقع الاستراتيجي واستثمرت فيه مالياً وعسكرياً وسياسياً... لكن مشكلة طهران في سوريا تكمن في وجود أكثر من قوة إقليمية؛ فتركيا، جارة سوريا الكبيرة، لها مصالح مهمة في سوريا، ولديها ملايين اللاجئين السوريين، وقد بادرت تركيا باحتلال بعض مناطق الأكراد في شمال سوريا لضمان أمنها واستقرارها.
طهران تناست أن هنالك دولة عظمى؛ وهي روسيا الاتحادية التي لديها قواعد ومصالح في سوريا، فليس من مصلحة روسيا اندلاع حرب جديدة، خصوصاً أنها تعرف مسبقاً أن إيران ستخسر جولة الحرب، لذلك بادرت روسيا باستدعاء الجنرال سليماني إلى موسكو والطلب منه تهدئة الأمور على الجبهة السورية وألا تغامر إيران بحرب ضد إسرائيل.
تردت الأوضاع الاقتصادية في إيران وانخفضت عملتها التومان إلى الحضيض؛ حيث أصبح الدولار الأميركي الواحد يعادل 6 آلاف تومان، بينما كان سعر الدولار قبل اندلاع الثورة الإيرانية فقط 6 تومانات.
هذا الوضع الاقتصادي المتردي دفع بالمواطنين الإيرانيين للتظاهر باستمرار. طهران تدفع مليارات الدولارات سنوياً ثمناً لتمددها في أكثر من بلد عربي وتحديداً لبنان وسوريا والعراق واليمن، وداخل بعض التنظيمات المؤدلجة في الخليج. فليس من المعقول أن تستمر طهران في هدر كل هذه الأموال على نشر النفوذ الإيراني في دول الجوار العربي في الوقت الذي تزداد فيه معاناة الشعب الإيراني، والأهم من ذلك وجود معارضة قوية للوجود الإيراني؛ وتحديداً في العراق ولبنان. والأمر الذي علينا التأكيد عليه هو أن تمدد إيران في سوريا وحربها إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد، اعتمدا على وجود قيادات عسكرية إيرانية صغيرة وعلى وكلاء إيران في المنطقة مثل ميليشيا «حزب الله» اللبناني و ميليشيا «حزب الله» العراقي والميليشيات العراقية المختلفة، وميليشيات أفغانية... هذه الميليشيات ستكون في المواجهة عندما تندلع بوادر الحرب بين إسرائيل وطهران.
السؤال: هل تستطيع هذه الميليشيات مواجهة الصواريخ والطيران المكثف؟ لذلك مع اندلاع أي حرب سيكون الخاسر الأكبر الشيعة العرب وقواتهم في سوريا، فليس من مصلحة طهران اندلاع الحرب.
وأخيراً علينا نحن العرب أن نقر ونعترف بأن السبب الرئيسي لتمدد إيران في منطقتنا العربية هو عدم الانتباه للتمدد الإيراني إلا مؤخراً، إضافة إلى أن عدم التصدي لادعاءات إيران الزائفة والتي اتخذتها ذريعة لتصدير آيديولوجيتها إلى البلدان العربية، وعدم ترسيخ مفهوم المواطنة الحقيقية، سمحا لإيران بأن تتدخل في شؤوننا المحلية، وتنشر الفوضى والقلاقل في المنطقة.
كما لا ننسى أن إيران زودت بعض الأحزاب والميليشيات الشيعية بزعم الدفاع عن قضايا الشيعة في بعض الأقطار العربية.
مطلوب منا اليوم التصدي لمزاعم إيران تلك والتحرك لتعزيز مفهوم المواطنة... في النهاية نحن جميعنا عرب، وعلينا معاملة الجميع كمواطنين شرفاء في بلداننا حتى لا نسمح للغير بالتدخل في شؤونا المحلية.
TT
إيران وإسرائيل واحتمالات الحرب
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة