سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

قطر في عيون القرضاوي

لم نسمع تعليق القيادة القطرية على ما قاله السفير الروسي السابق عن اجتماعه بالقرضاوي.
كما لم نسمع رد «الإخوان» القطريين على ما قاله السفير الروسي عن نظرة القرضاوي للنظام الحاكم في قطر... هل يتفقون مع رأي القرضاوي الذي أوضحه للسفير السابق بأن «الأنظمة الخليجية أنظمة قمعية دموية ديكتاتورية لا بد أن تسقط بما فيها النظام القطري»؟!
السؤال الأهم: هل فوجئت جماعة الإخوان القطرية من موقف القرضاوي ونظرته لآل ثاني؟ هل صُدِموا؟ أم كانوا يعلمون بموقفه ويعملون معه على تحقيق هذا الهدف بصمت؟ أما سؤال المليون فهو: هل نظام آل ثاني ضامن أن ولاء الإخوان في قطر له أم لمرشدهم؟
علاقة غريبة تلك التي تجمع الاثنين؛ تنظيم «الإخوان» الدولي والقيادة القطرية، تحالف شيطاني لا يرى الواحد منهما في الآخر سوى مطية، ومع ذلك يبقيان على ذلك التحالف، وكل منهما يظن أنه يستغل الآخر.
علاقة يعتقد فيها حمد بن خليفة أنه استغلَّ «الإخوان» مطيةً له كي يحكم العالم العربي بوساطتهم، كان يظن أنهم، بعد أن يؤويهم ويمكِّنهم ويدعمهم لإسقاط الأنظمة العربية والوصول لسدة الحكم، سيسلمونه «مفتاح العريش».
وعلى صعيد آخر، فالحقيقة هي ما قاله القرضاوي للسفير الروسي، كبيرهم الذي علمهم السحر، بأنه يستغل قطر، وأن سقوط آل ثاني سيأتي حتماً إنما بعد أن يؤدوا دورهم؛ فمن كان المطية إذن؛ «الإخوان» أم حمد بن خليفة؟
الجواب لا يحتاج إلى ذكاء... إنه حمد بن خليفة ومعه الكوادر الإخوانية الخليجية الساذجة جمعاء، والكوادر الإخوانية القطرية بالأخص، التي تساعد التنظيم في مشروعه لإسقاط أنظمة في دولها، ثم ستسلم السلطة والمفتاح لقيادة التنظيم، وتخرج هي والشعوب الخليجية مشرَّدةً في بقاع الأرض، أم تظن أنهم سيكونون ولاة على دولهم نيابة عن خليفة المسلمين؟!
متى سيستفيق «الإخوان» في قطر، ومتى ستستفيق القيادة في قطر؟ إنهم ليسوا سوى مطية، خسروا أهلهم في الخليج وخسروا عروبتهم، وخسروا انتماءهم من أجل قيادات لا ترى فيهم سوى أداة.
والثمن الذي يدفعونه لتنظيم يمهِّد لسقوطهم ثمن غالٍ ومعادلة لا يقبلها عقل ولا منطق. إنهم - كأسرة حاكمة - لا يختلفون في نظر القرضاوي عن بقية الأسر الخليجية الحاكمة الأخرى، ولا يعنون لهم شيئاً سوى أنهم مطية لتحقيق هدف محدد، وأن كل ما يمنُّونه به وهم وسراب، وأنهم فقدوا أشقاءهم وحاضنتهم الطبيعية من أجل عدو ووحش يربّونه في عقر دارهم.
قطر لا تستغل «الإخوان»، بل «الإخوان» يستغلون قطر؛ فما الصدمة التي من الممكن أن تفتح عيونهم؟ ما المعلومة والحقيقة والأدلة التي تنتظرها الكوادر الإخوانية القطرية كي يدركوا أنهم ليسوا سوى عبيد للقرضاوي وتنظيمه، وأنهم يستنزفونهم ويبتزونهم ويضحكون عليهم؟! ذلك الاعتراف الروسي لم يكن سوى دليل جديد يُضاف لآلاف الأدلّة الأخرى الملقاة على قارعة الطريق ويتجاهلها «الإخوان».
القرضاوي لم يقل شيئاً لا نراه ولا نعرفه عن التنظيم، فلم نكن بحاجة لاعترافات السفير الروسي؛ رأينا مواقف التنظيم بأم أعيننا في كل محطاتنا التاريخية، كانوا فيها صفّاً مع إيران ضدنا.
لقاء السفير الروسي الذي كشف عن نظرة القرضاوي لآل ثاني لن يكون الأخير من الأدلة التي تثبت أن قطر بنظامها بمالها، بشعبها، ليست سوى بيت المال للتنظيم.
القرضاوي قال ما معناه إن قطر كانت وما زالت محطة تزويد بالوقود ستُحرَق بعد آخر قطرة من مالها.