نيل دوتا
TT

ما يقدمه التضخم لأسواق الأسهم

بالنسبة للبعض، فإن الاقتصاد على مشارف مواجهة ارتفاع حاد في التضخم سوف يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة.
والحقيقة هي أن ميزان المخاطر حول التضخم قد تم تطبيعه، مما يعد من قبيل الأنباء السارة لأسواق الأسهم التي كانت في وضع التأهب الأقصى لاحتمالات قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي باتخاذ إجراءات شديدة الصرامة.
ويُنظر إلى التضخم في المعتاد على أساس 12 شهراً متتالية، مما يعني أنه إن تحركت الأسعار بقوة في شهر من الشهور، فستستمر الصدمة عبر الأحد عشر شهراً التالية قبل أن تتلاشى. وهذا من الأمور المهمة بسبب أن أسعار الطاقة كانت في تراجع خلال هذا الوقت من العام الماضي، مما تسبب في حدوث انخفاض في بيانات التضخم. ولكن الآن، يشير النموذج البسيط، الذي يترجم الأسعار الحالية لخام برنت، إلى تقدير مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الرئيسي، وإلى أن مقياس التضخم سوف يرتفع إلى نحو 2.5 نقطة مئوية بحلول يوليو (تموز) المقبل قبل أن يتراجع مرة أخرى. وهو أعلى من التوقعات الراهنة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي.
ويمكن عزو نسبة 60 في المائة، أو نحوها، من الارتفاع الحالي في أسعار النفط من المستويات المنخفضة، إلى انخفاض العرض وليس ارتفاع الطلب. وبعد كل شيء، فإن وكلاء الطلب العالمي مثل أسعار النحاس وعائدات السندات لم تتحرك مثلما تحركت أسعار النفط. وهذا ليس مستغرباً؛ باعتبار التوترات والاضطرابات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك، فإنها تثير المخاوف من أن تصبح ظروف العرض في حالة من التوازن عندما تهدأ تلك التوترات الراهنة، الأمر الذي يدفع بأسعار النفط إلى الهبوط مجدداً. وعلى هذا النحو، ينبغي على بنك الاحتياطي الفيدرالي تجاهل الارتفاع الأخير في أسعار النفط.
تعكس أغلب الزيادات الأخيرة في المسوح ومقاييس التضخم ذات الصلة بالأسواق هذه الظاهرة الرئيسية. وقد عادت معدلات تعادل (تعافي) التضخم إلى أعلى مستوياتها المسجلة أخيراً، وهو أمر لا يدعو إلى الاستغراب مع اعتبار العلاقة القوية التي تربطه بالنفط. وحالة الارتباط المتداول طيلة 30 يوماً بشأن المتغيرات اليومية بين توقعات النفط والتضخم، تبلغ نسبة 0.45 القوية.
وعلى نحو مماثل، كانت مؤشرات التصنيع التحويلي في دائرة الضوء مؤخراً بسبب الاتجاه التصاعدي في أجزاء «الأسعار المدفوعة» من المسوح. ومرة أخرى، وعلى غرار توقعات التضخم، يبدو ذلك وإلى حد كبير لأن يكون وكيلاً عن أسعار الطاقة. وهذه العلاقة المتزامنة مع التغيرات على أساس سنوي ومع أسعار المستهلكين ذات الصلة بالطاقة، تبلغ نسبة 0.86.
وفي الوقت ذاته، بدأ مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصية الأساسي لعام 2017 في العمل وفق نسبة 1.9 في المائة تقريباً، أي أقل بقليل من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ نقطتين مئويتين كاملتين، قبل انتهاء العام عند نسبة 1.5 في المائة فقط. وعلى الرغم من أن البيانات الأخيرة تظهر ارتفاعاً مقبولاً، فإنه من غير المرجح حدوث الانكسار. وللوقوف على السبب، فلنأخذ في الاعتبار النموذج الذي اشتهرت به الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، السيدة جانيت يلين. واختصاراً للقول، فإن التضخم الأساسي هو، إلى حد كبير، وظيفة من وظائف القصور الذاتي، أو هو القراءات السابقة للتضخم الأساسي وتوقعات التضخم على المدى الطويل. وذلك النموذج، الذي يشتمل على الركود في سوق العمل والأسعار النسبية في الواردات، يشير إلى تسارع التضخم الأساسي، ولكن لا يشير إلى مستوى يتجاوز توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي. والأهم من ذلك، فإن توقعات التضخم على المدى البعيد تبقى ضعيفة.
وأخيراً، فإن معظم الارتفاع الأخير في الأسعار الأساسية يتركز في بضعة بنود فقط. وفي حين أن أسعار الغذاء والطاقة تميل إلى التقلب المستمر، فإن إزالة هاتين الفئتين فقط يمكن أن يسفر عن بعض التحيز. إن مقاييس التضخم المتقلبة، والتي تزيل بعض المكونات أعلى أو أسفل الخط المعين، وبالتالي تزيل كذلك أكثر المدخلات تذبذباً، تظهر أن هذا المقياس لمؤشر أسعار المستهلك قد انخفض بنحو 0.2 نقطة مئوية أقل من مؤشر أسعار المستهلك خلال العام الماضي بأكمله، مما يشير إلى أن الانتعاش الحالي في التضخم لا يمكن اعتباره واسع النطاق بصفة خاصة.
وهناك بعض الاحتمالات بأن يؤدي الثبات الأخير في التضخم ببعض الشركات إلى نشر أرقام الإيرادات التي تفوق التوقعات في موسم التقارير الفصلية الحالي.
- بالاتفاق مع «بلومبيرغ»