زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

جائزة «جازولا»

مما لا شك فيه أن قصة المزرعة والبيت كان لها النصيب الأكبر والسبب المباشر في اهتمام الأمير سلطان بن سلمان بالعودة إلى الأرض والبناء بالطين... فعندما اشترى الأمير المزرعة والمنزل وبدأ في إصلاح المنزل وإعادة بنائه بالطوب، اكتشف بعد فترة أن هناك ضرورة لأن يقوم بالترميم مهندس معماري متخصص في هذا النوع من البناء؛ وبالفعل تواصل مع المهندس المصري الدكتور صالح لمعي بعد أن عرف أنه قد قام ببناء مراكز في الأقصر وأسوان لتعيش فيها البعثات الألمانية، وأن البناء تم بالطين في جو يناسب الأجواء الموجودة في السعودية، وقد كان الهدف هو أن يتم ترميم هذا المبنى من الطين لكي يصبح نموذجاً للعمارة النجدية، ويمكن أن يصبح نواة للبناء بالطين والعودة إلى زمن عمارة الماضي الجميل، وأن يكون هذا المنزل مكاناً أيضاً يعيش فيه الأمير سلطان هو وأسرته، وقد كانت تجربة جميلة أن يعيش في هذا المنزل البسيط هو وعائلته، وتم تسجيل هذه التجربة وتوثيقها وأصبحت مادة متاحة للطلاب والدارسين لمشاهدة منزل نجدي بسيط مبني من الطين. وقد استطاع الدكتور لمعي أن يترجم أفكار الأمير سلطان على أرض الواقع وظهر من خلال الأعمال التي قام بها في الدرعية وجدة التاريخية، بالإضافة إلى عمارة البناء من الطين.
وعندما دعا السفير أحمد قطان - سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر في ذلك الوقت - الأمير سلطان لإلقاء محاضرة بدار السفير على جزيرة الزمالك؛ وكانت عن أصل الإنسان وصلته بالجزيرة العربية، قام بتقديم الدكتور لمعي وأشاد بإنجازاته، بل أشار إلى أن هناك ضرورة أن ينال الدكتور صالح لمعي جوائز عالمية عن أعماله غير العادية، وقد قال لي الأمير: «كيف لم يكرم الدكتور صالح لمعي في مصر؟ وبالطبع كانت المفاجأة الثانية وهي أن كاتب المقال هو من قام بتكريم الدكتور صالح لمعي في عيد الأثريين وقدمت له أهم جائزة وهي جائزة الترميم على مستوى العالم العربي، وذلك حينما كنت المسؤول عن الآثار في مصر.
أما المفاجأة التي حدثت بعد ذلك فهي حصول الدكتور صالح لمعي على جائزة «جازولا»، وأنا على ثقة بأن الأمير سلطان بن سلمان قد لعب دوراً مهماً جداً في نيل الدكتور لمعي هذه الجائزة العالمية، وهذا هو المعدن الأصيل للرجال الذين يقدرون مجهود وخبرات الآخرين ويعملون من خلال فريق العمل، ومن خلال اختيار أهم العلماء في كل مجال لكي يستطع من خلال هذا الاختيار أن يعلو بآثار ومتاحف المملكة إلى المقدمة. ومن مميزات جائزة «جازولا» أن الدكتور صالح لمعي يعتبر أول شخصية عربية في العالم العربي والإسلامي، بل وفي أفريقيا يحصل عليها على مستوى العالم. وجائزة «جازولا» أنشئت عام 1979م لتخليد ذكرى أحد أعظم المدافعين عن الحفاظ وترميم الآثار والمواقع الأثرية، وهو أيضاً مؤسس المجلس الدولي للآثار والمواقع (الايكوموس)، والجائزة تهدى كل ثلاث سنوات في حفل خلال اجتماع الجمعية العامة للايكوموس وتقدم إلى شخص أو مجموعة من العاملين سوياً والذي يسهم بامتياز لأغراض وأهداف الايكوموس. وحائز هذه الجائزة يجب أن يكون عضواً في الايكوموس ويختار من خلال لجنة الجائزة المنتخبة من قبل اللجنة الدولية التنفيذية للايكوموس. والجائزة عبارة عن ميدالية ودبلوم، وقد سبق إهداؤها إلى 11 شخصية دولية عام 1981م... التبريكات للدكتور صالح لمعي وتحية شكر وتقدير للأمير سلطان بن سلمان.