علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الشاب والحاضنة

للشركات الكبرى أدوار تلعبها غير تحقيق الأرباح، وإن كان تحقيق الأرباح أمراً مهماً في استمرارية الشركة، فعليها واجب تشجيع الأفكار الإبداعية، لا سيما تلك الأفكار التي توجد حلولاً لمشاكل اجتماعية أو تطور مشروعاً قائماً.
ويدخل ذلك في نطاق المسؤولية الاجتماعية للشركة، ومشاركة الشركة في مثل هذه المشاريع رغم تكلفتها المالية تقرب الشركة من المجتمع وتحبب الناس في منتجات هذه الشركة، مما يعود بالنفع على الشركة، ويحقق لها مكاسب مالية إضافية، وهو الهدف الذي أنشئت من أجله.
لشركة شل العالمية تجربة مثيرة في هذا المجال، وقد أعجبت بتجربة الشركة لأنها تخطت محيط الشركة الأوروبي لتتجاوزه إلى الهند.
الشركة أعجبتها تجربة شاب هندي بحث في حلول لمشاكل المشردين في بلاده، واهتدى إلى صنع خيمة تكون ملاذاً للعائلة المشردة. نجحت الفكرة وفرح المشردون بهذا المنزل الصغير الذي يحفظهم من الهيام في الشوارع.
شركة شل احتضنت الشاب وساعدته على تطوير فكرته، وحينما نقول ساعدته لا يعني ذلك تقديم أموال ضخمة للشاب، بل تقديم قليل من المال والكثير من المساندة الإدارية أو التطويرية.
الشاب الهندي بمساندة شركة شل طور خيمته لتكون منزلا وبتكلفة معقولة بلغت 6000 دولار أميركي وتعادل 22500 ريال سعودي؛ لينشئ بعد ذلك شركة أسماها «بليون بركس»، والاسم يدل على الطموح.
شركة الشاب الهندي غير ربحية وهدفها إيواء مشردي بلاده، إذن كيف تستمر الشركة؟ تستمر الشركة عبر جهود المتبرعين الذين وجدوا في تدني تكلفة المنزل ونبل الهدف إمكانية أن يتبرعوا بهذا المبلغ في سبيل إيواء أسرة مشردة. الشاب واصل تطوير مشروعه عبر إدخال الطاقة الشمسية لهذه المنازل. ومع حاجة ساكني هذا المبنى لقليل من الطاقة أصبح بإمكانهم بيع جزء منه، مما أوجد لهم قليلا من الدخل... ولولا فكرة هذا الشاب الإبداعية واحتضان شركة شل له، لظل المشردون يفترشون شوارع الهند، ولكنه ساهم بطريقته في حل جزءٍ من مشكلة مشردي بلاده.
في عالمنا العربي الكثير من الشباب الذين لديهم أفكار إبداعية تساهم في حل بعض مشكلات مجتمعهم، لكنهم لم يجدوا الحاضنة المناسبة التي تدفعهم لإطلاق حلولهم. في السعودية أطلقت شركة سابك مشروعها «نساند» وأنا متفائل بهذا المشروع لأنه عمل مؤسساتي قد يجعل بعض أفكار الشباب المبدعة ترى النور، وإن كنت أتمنى أن نرى بقية الشركات الكبرى في عالمنا العربي تحذو حذو شركة شل حتى لا تضيع أفكار شبابنا بين نقص التمويل وقلة المساندة.