مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

(موشيل) يتكلم

هناك رجل فلسطيني من النازحين بعد حرب 1948، نزح من (يافا)، وتوفي وما زال مفتاح منزله هناك موجود عند أسرته، ومن شدة كراهيته للإسرائيليين محتلي أرضه، أطلق على أكبر أبنائه الذكور اسم (هتلر)، وعلى أكبر بناته اسم (محرقة).
وقال أبو محمد – الذي هو هتلر - : «إنني لا زلت أحمل هذا الاسم ولم أغيره؛ لأن والدي كان يحبه، والمضحك أنني عندما أردت أن أتزوج رفض والد خطيبتي، وأيضاً خطيبتي رفضت أن أقترن بها، معتقدين أنني مسيحي، وعندما عرفا الحقيقة زوجوني، والحمد لله أنني وأم محمد ننعم الآن بالتبات والنبات، وقد خلفنا بعد ذلك صبياناً وبنات».
وقد عرفت أنا في طفولتي رجلين سعوديين هرمين، اتكلا على الله – أي ماتا قبل ردح من الزمن - وهما أيضاً كانا من أشد الكارهين للإسرائليين. الأول أطلق على ابنه البكر اسم هتلر، ولا يناديه الناس إلا بـ(أبو هتلر)، أما الثاني فهو (أبو النازي)، من شدة إعجابه بالنازية.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فوالدي - رحمه الله - عندما كان يريد أن يتباسط معي أحياناً يناديني قائلاً: «تعال - أو اذهب - يا (موشيل)»، وحينما ضقت ذرعاً بهذه المناداة، أردت أن أصحح له هذه المعلومة قائلاً له: أنت تقصد ميشيل، (فموشيل) هو اسم يهودي، فتبسم - رحمه الله - وقال لي: «إنني لم أبتعد كثيراً».
**
يقول مثل مصري قديم: (من يأكل وحده يزوَر) أي يصاب بمتاعب في البلع؛ لكن دراسة علمية حديثة تذهب لأبعد من ذلك بكثير، مؤكدة أن من يأكل وحده قد يصاب بأمراض خطيرة.
الحقيقة أنني عندما قرأت ذلك أصبت بما يشبه الصدمة؛ لأن (99 في المائة) من وجباتي آكلها وأنا وحيد، وذلك بعد أن أغلق الباب على نفسي بإحكام، ولم (أزوَر) حتى الآن ولا مرة واحدة – واللهم لا حسد - أما الأمراض فحدث ولا حرج، وأنا قادر بإذن الله على التغلب عليها، المهم أنني لن أغير عادتي الرائعة هذه (وإيش ما يكون يكون).
**
بعد شهرين من الآن، سوف يقطع الجراح الإيطالي (سيرغيو كانافيرو)، رأس الروسي (فالري بيريدونوف)، وهو مهندس كومبيوتر مقعد، ليزرعه في جسد رجل آخر، وقد تستغرق العملية (36) ساعة، وتتكلف عشرة ملايين دولار، ولا شك أن هذه العملية لو نجحت سوف تكون أعظم إنجاز في تاريخ البشرية من عهد آدم حتى الآن.
وقد شطح بي خيالي التعبان كالعادة، متصوراً لو أن رأس صبية حسناء زرع في جسد مصارع وزنه (200) كيلو، وبالمقابل لو أن رأس رجل (داعشي) كث اللحية، زرع في جسد امرأة من ملكات الجمال، ثم سألوكم: أي الشخصيتين لها قبول أكثر لديكم، هل هي صاحبة الرأس الأول، أم هو صاحب الرأس الثاني؟!