سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

إلى الطيبين من أهل الخليج

إلى كل المخلصين المحبين لـ«مجلس التعاون الخليجي»... إلى كل من يخشى تفككه وانهياره، إلى كل حسني النيات الذين يحاول كل منهم أن يعيد الأمور إلى ما كانت عليه بين الدول الخليجية، إلى ما قبل قرار المقاطعة لقطر، نقول لهم: سعيكم مشكور ومحاولاتكم محل التقدير والاحترام ولكن...
نحتاج إلى أن نقف على أرضية مشتركة بيننا كمواطني الدول المقاطعة لقطر وبينكم، نحدد فيها بعض المفاهيم ونرى إن كانت مقاصدنا واحدة حين نستخدم ذات اللفظ في تخاطبنا، فتلك مهمة ستسهل علينا الحوار وربما نصل معاً إلى ذات الاستنتاج، إذ إن اختلاف المقاصد يُبنى عليه اختلاف في الاستنتاجات، فلا يمكن أن تتوحد الاستنتاجات إن جاءت من مناطق مختلفة.
الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب ترى فيما قامت به قطر من ممارسات طوال السنوات السابقة محاولة «لإسقاط الشرعية»، واستمرت حتى بعد أن تعهدت بالتوقف، مع الأخذ في الاعتبار أن إسقاط الشرعية ليس بالضرورة أن يتم عبر غزو خارجي، كما حدث في العراق بدخول قوات أجنبية، إنما ثبت أنه يمكن إسقاط الشرعية من خلال الاضطرابات المحلية (مصر وتونس وليبيا واليمن).
البحرين أوشكت على اللحاق بدول الربيع العربي، وعاش البحرينيون هذه الأحداث، ولتقريب الصورة يذكرنا دخول قوات درع الجزيرة للبحرين عام 2011، وإعلان حالة السلامة الوطنية، بدخول قوات التحالف لتحرير الكويت، ذات البكاء والفرح والزغاريد، واسألوا أهل البحرين كيف استقبلوا قوات درع الجزيرة التي ذكّرتنا بمشاعر أهل الكويت الحبيبة حين دخلت قوات التحالف للكويت في فبراير (شباط) 1991.
البحرينيون شاهدوا سيناريو سقوط الشرعية في تونس ومصر وليبيا، سيناريو تكرر في احتلال الدوار والمستشفيات والجامعة وغلق الطرقات وحرق المباني واختطاف رجال الأمن وتعذيبهم واعتبارهم أسرى، فلم تكن مخاوفنا مبالغاً بها أبداً.
قطر دعمت تلك الجماعات الإرهابية في البحرين؛ أمدتهم بالمال، وسخرت لهم قناة «الجزيرة»، ويتصل وزير الديوان الأميري القطري بقادة الإرهاب يطلب منهم تصوير الدماء في الشوارع لعرضها في القناة، والتسجيل أُذيع وسمعناه، وهو يطلب تصوير من سماهم «البلطجية» وهم أهل المحرق والرفاع الذين وقفوا على مدخل المدينة والأحياء لحمايتها من الإرهابيين، بعد أن وضعوا الإشارات الحمراء على بيوت أسر الضباط، فتشكلت اللجان الشعبية لحماية المدن والأسر، وهؤلاء سماهم وزير الديوان الأميري القطري «بلطجية»!
قطر لم تهدد أمن البحرين فقط، بل هددت السعودية والإمارات بإعانتها للإرهابيين، إذ موّلتهم بالمال، ومنحتهم الجنسية القطرية، وآوت المتهم بمحاولة اغتيال الملك عبد الله، رحمه الله، وتحالفت مع القذافي ضد السعودية، وهو تسجيل لم ينكره حمد بن خليفة، ومنحت الجنسية لجماعة الإخوان المسلمين، وهددت بكل صراحة حكم الإمارات.
هذا غيض من فيض، فالملف متخم بالأدلة والإثباتات الموثقة لمن أراد الاطلاع عليها، والتي تؤكد تورط قطر مع الجماعات التي تسعى لإسقاط الشرعية في العديد من الدول العربية، ومنها السعودية والبحرين والإمارات.
الآن، لنبحث نحن والطيبون من أبناء دول مجلس التعاون في المقاصد حين نتخاطب لنتأكد أن استخدام المصطلح يؤدي إلى ذات المعنى، فإن كنتم تعتبرون إسقاط الشرعية من باب «الخلافات» و«الزوبعات في الفناجين» فبالتأكيد ستتباعد بيننا الاستنتاجات والرؤى، وبالتالي بالتأكيد ستتباعد بيننا الحلول.
فما تسمونه أموراً «خلافية» و«سوء فهم» و«زوبعة في فنجاين» نسميه نحن «إسقاط شرعية»، ونتفق معكم أن سوء الفهم والتراشقات يمكن الجلوس والتحاور فيهما، والوصول إلى نقاط وسطية بين المختلفين، إنما كيف تتحاور مع من يريد إسقاط شرعية وطنك؟
أيام احتلال الكويت وقفت دول عربية سُميت حينها دول الضد على «الحياد»، بل –وسبحان الله- اقترح برلمانيون عرب من تلك الدول تشكيل وفود شعبية لتزور العراق ودول الخليج، من أجل التفاهم والحوار، فصرخ أهل الكويت وصرخنا معهم حينها: أيُّ تفاهم مع إسقاط الشرعية؟ كان الشعور بالأسى يغلفنا من أبناء العروبة الذين فقدوا الشعور والإحساس بمعاناة الدول الخليجية، أليس هناك إحساس بالمعاناة والألم الذي نشعر به؟ كنا نعرف أنه إذا ذهبت الكويت ذهب الخليج، لأن هناك إيماناً بوحدة المصير.
هناك تهديد مباشر من قطر التي تدعم الجماعات الإرهابية، وفي البحرين تحديداً عشنا ما عاشته الكويت من خوف ورعب وفوضى، ومن ثم فرح وأمل حين لبى نداءنا أهلنا في السعودية والإمارات. إنها ليست مجرد زوبعة في فنجان، إنها زوبعة لا بد أن تنهي معاقل الإرهاب وداعميه.
حديث من القلب، مع حبي وتقديري لكل الخليجيين أصحاب النيات الطيبة.