مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

يجب أن نخالف اليهود

الخطوة المباركة الجريئة التي أقدم وأمر بها خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مجمع للحديث النبوي الشريف، يتكون من مجلس علمي يضم صفوة العلماء لفرز كل ما هو نافع لمجريات العصر.
وقال أمير الشرقية: إنها فرصة عظيمة لخدمة الحديث الشريف، وقال أمير القصيم: إنه مركز مشع بالنور، وقال النائب العام: إنها خطوة تاريخية لحفظ السُنة، وقال أئمة المسجد الحرام: إنه منارة خير ونفع للمسلمين، وقال مدير جامعة الإمام: إنه تأكيد للنهج القويم، وقال رئيس الولاية: إنه به عشر دلالات أبرزها الوسطية والتأليف والخلق الحسن، وأختم بما ذكره الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عندما قال: إن القرار جاء استشعاراً لخدمة السُنة وفق عمل مؤسسي مدروس، لمواجهة فقه الاجتراء المعيب.
وأضاف قائلاً: إن التوظيف (المتطرف) يسعى جاهداً بدافع الضحالة العلمية والضلال الفكري لتسويق أخطائه وانحرافاته بتكريس نصوص يحسبها (نصاً ودلالة) – انتهى.
أرجو ألا يظن أحد أنني أوردت مقدماً ما قاله الأمراء والمشايخ، لكي أطبق المقولة المشهورة، وأجعل بيني وبين النار (مطوعاً).
لا ليست هذه من خلائقي أولاً، وثانياً: إن من يخاف من نار الآخرة – وأنا من أشد الخوافين - لا يمكن أن يلجأ للاختباء خلف أي إنسان مهما كان – مع احترامي لكل من ذكرتهم.
غير أنني (أستقعد) وأقول: (أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً)، والحمد لله أننا أتينا على الأقل في الوقت المناسب، قبل أن تتكالب علينا معطيات الواقع.
وأعود لموضوعنا (الطازج)، وأؤكد أنه لو لم يسبق خادم الحرمين الشريفين الجميع ويأمر بما أمر به، لن يجرؤ أحد ممن ذكرتهم آنفاً أن يتكلم بما قاله.
والكل يعلم أن كتب التاريخ ذكرت لنا أن ما جمعه البخاري على سبيل المثال: إنما هو أكثر من ستمائة ألف حديث، ونخبها وصفاها واقتصر على ستة آلاف حديث فقط.
وللمعلومية فالبخاري توفي عام 256 هجرية – أي بعد وفاة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بما لا يقل عن قرنين من الزمان، وفي ذلك الوقت تتابع الخلفاء من الأمويين والعباسيين، وكل منهم يريد أن «يحوش النار لقرصه» مثلما يقول المثل العامي، لهذا كثر (المدلسون)، ولم يجدوا غير اختلاق الأحاديث لتتوافق مع مزاج الحاكم، غير عابئين بما قاله رسول الله بما معناه: من تقوّل عليّ فليتبوأ مقعده من النار.
ولكي لا أطيل عليكم، فمن وجهة نظري المتواضعة، فإنني أرى أن يزاح ولا أقول يشطب، كل حديث يناقض القرآن الكريم، أو لا يتوافق مع العقل والمنطق في هذا العصر (الإلكتروني) الذي لا يرحم.
يجب أن نخالف اليهود الذين قدموا (التلمود) على (التوراة) التي أنزلها الله.