الصوم المتقطع عن الطعام يعد بصحة أفضل وعمر أطول، لكن هل بإمكاننا تنفيذه؟
تسبب انتشار البدانة بشكل وبائي، في خلق صناعة محلية تتمحور حول خطط للحمية الغذائية بهدف إنقاص الوزن. وقد بات الصوم المتقطع عن الطعام موضة رائجة تعتمد على تقليل السعرات الحرارية الموجود في الطعام بدرجة كبيرة وعلى فترات متباينة، مع تناول الوجبات الطبيعية على فترات محددة.
الصوم المتقطع
ويدعي أنصار تلك الحمية الغذائية أنها تساعد على إنقاص كيلوغرامات من الوزن بسرعة أكبر من الحمية التقليدية، وأنها تقلل أيضا من مخاطر الإصابة بأمراض القلب المختلفة.
ما هو الصوم المتقطع؟ تؤدي جميع خطط الحمية الغذائية إلى خسارة الوزن من خلال نفس المعادلة، وهي تناول أطعمة تحتوي على طاقة أقل من معدلات حرقها داخل الجسم بصفة يومية. وفي الحقيقة، يؤدي الصوم المتقطع إلى تحقيق هذا الهدف عن طريق تقليص السعرات الحرارية بدرجة كبيرة في أيام محددة من الأسبوع، أو خلال ساعات محددة من النهار.
وتكمن النظرية في أن هذا النمط الغذائي سيساعد على إضعاف الشهية عن طريق إبطاء عملية التمثيل الغذائي.
وصرح الدكتور فرانك هو، رئيس قسم التغذية بكلية «إتش تي تشان» للصحة العامة بجامعة «هارفارد»، بأنه «من ضمن أنظمة الحمية الغذائية نظام يعرف باسم (نظام 5.2) الغذائي الذي حقق انتشارا كبيرا»، مضيفا أنه «بمقتضى هذا النظام الغذائي، يستطيع الإنسان تناول وجباته بصورة طبيعية لخمسة أيام أسبوعيا؛ لكن خلال يومين من الصوم يجب ألا تتعدى السعرات الحرارية 500 – 600 سعر حراري».
غير أن هناك نسخة أخرى من هذه الحمية الغذائية تدعو إلى تغيير أيام «الصوم»؛ بحيث تستهلك ربع أو أقل من ربع احتياجاتك من السعرات الحرارية في اليوم، مع وجود أيام «عيد» تستطيع خلالها تناول كل ما تشتهيه نفسك.
تقييم حمية الصوم
الدراسات والأبحاث التي أجريت حتى الآن لتقييم الصوم المتقطع كانت قصيرة نسبيا، ولم تشمل سوى عدد محدود من المشاركين. وفي إحدى هذه الدراسات المنشورة بمجلة «جاما إنترنال ميدسين»، بتاريخ 1 يوليو (تموز) 2017، كلف أكثر من 100 شخص باتباع نظام حمية ضمن ثلاثة أنظمة مختلفة. النظام الأول هو التقيد بعدد ثابت من السعرات الحرارية يوميا (في حمية غذائية تشبه الأنظمة الغذائية المعتادة)، ويعتمد النظام الثاني على الصوم يوما بعد يوم، فيما تسير المجموعة الثالثة بنفس العادات الغذائية المعتادة (من دون حمية).
وفي نهاية الدراسة التي استمرت 12 شهرا، خسرت مجموعتا الحمية الغذائية بعض الوزن، فيما لم تفقد المجموعة التي تناولت طعامها بالمعدلات العادية أي وزن، غير أن نتائج مجموعة الصائمين لم تكن أفضل من نتائج المجموعة التي اتبعت نظام تقليل السعرات الحرارية بصورة تقليدية.
مخاطر محتملة
كان أهم ما لوحظ هو المعدل المرتفع للتسرب، أو التوقف عن الحمية، (38 في المائة) بين المجموعة الصائمة، مما يبين صعوبة اتباع حمية الصوم كنظام غذائي لإنقاص الوزن. وأفاد الدكتور هو بأن «النفس البشرية تميل بطبيعتها إلى مكافأة نفسها عقب القيام بعمل شاق، مثل التمارين أو الصوم لفترات طويلة، ولذلك فهناك خطورة من الإقدام على عادات قد تضر بنظام الحمية في الأيام التي لا يكون فيها الشخص صائما». بالإضافة إلى ذلك، هناك رغبة بيولوجية قوية لتناول الطعام بصورة زائدة عقب فترات الصيام، حيث تتجه هرمونات الشهية ومركز الجوع في المخ إلى العمل بوتيرة أكبر عند الحرمان من الطعام.
وأوضحت كاثي مكماناس، رئيسة قسم التغذية بمستشفي «بريغهام» والأمراض النسائية التابع لجامعة «هارفارد»، أن للصوم المتقطع فوائده السيكولوجية بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية. وأضافت: «حدث أن شعر أحد مرضاي برغبة قوية في عدم التقييد بتسجيل عدد السعرات التي يحويها طعامه، وفضل اتباع نظام 5.2 للصوم الذي كان يناسبه أكثر مقارنة بباقي الأنظمة».
والهدف الرئيسي هو أن تصمم نمطا غذائيا صحيا مستداما، وتستطيع بمقتضاه إنقاص وزنك مع مرور الوقت. وحتى الآن، لم تثبت حمية الصوم نجاحها في تحقيق هذه المعادلة.
وشرعت بعض الشركات التجارية في تسويق بعض أنظمة الحمية الغذائية المصممة خصيصا للراغبين في الصوم المتقطع. ورغم أن هذا قد يسهل الأمور لبعض الناس، إلا إن منتجات الحمية تعتبر مكلفة، حيث يتكلف الغذاء نحو 300 دولار أسبوعيا.
ويرجع سبب الانبهار بنظام الصوم المتقطع إلى الأبحاث التي أجريت على الحيوانات، والتي أظهرت أن الصوم يقلل من مخاطر الإصابة بالسرطان ويبطئ من أعراض الشيخوخة. وكشف الدكتور هو، أن «بعض الفرضيات تقول إن الصوم يمكنه أن ينشط آليات عمل الخلايا التي تساعد على تعزيز وظائف المناعة، وتقليل الالتهابات المرتبطة بالأمراض المزمنة».
ورغم صحة الزعم بأن التخلص من الدهون الزائدة في الجسم يساعد على تحسين التمثيل الغذائي ويقلل من الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فليس هناك دليل قوي على أن للصوم فوائد صحية تفوق أي استراتيجية أخرى لخسارة الوزن.
من هم الممنوعون من حمية الصوم؟
> إن كنت تفكر في هذا النوع من الحمية الغذائية، أي الصوم، فعليك أولا مناقشة الأمر مع الطبيب. إذ إن تخطي وجبات الطعام وتقليل السعرات الحرارية بدرجة كبيرة قد يضر ببعض الأشخاص مثل مرضى داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، كذلك فإن مرضى القلب أكثر عرضة لاضطرابات السوائل الإلكتروليتية، التي تحدث عند الصوم. وقال الدكتور هو أيضا إننا نعيش في بيئة سامة وتؤدي إلى البدانة بسبب الغذاء، ولذلك فإننا في حاجة إلى شبكة دعم اجتماعي قوي لتحمل الانخفاض الكبير في السعرات الحرارية كل يوم على المدى البعيد.
* رسالة «هارفارد» الصحية، خدمات «تريبيون ميديا».